فقال له : ويلك إنّ الله لا يوصف بالعجز ، ومَن أقدر ممّن يلطف الأرض ويعظّم البيضة (١).
فدلّت هذه الرواية : على أنّ إدخال العظيم أو تعظيم الصغير بنحو التكاثف والتخلخل وما يجري مجراهما وأنّ تلطيف الأرض إلى حدّ تدخل في البيضة ، أو تعظيم البيضة إلى حدّ تدخل فيها الأرض غاية القدرة.
وقال بعض المعاصرين : إنّ هذه الأحاديث كلّها متّفقة ، ولا تنافي ولا تناقض فيها ، وأنّ الجواب في كلّ منها بحسب ما يقتضيه المقام وحال السائل ، وكلامهم عليه السلام أصله واحد وقد أمروا أن يكلّموا الناس على قدر عقولهم.
وبيان ذلك : إنّ الحديثين الأوّلين يدلّان على ما دلّ عليه الحديثان الآخران على وجه لطيف ومعنى شريف. وتوضيحه : إنّ الظاهر من حال الديصاني في الحديث الأوّل : إنّه كان مناظراً مجادلاً كما يظهر من سياق كلامه مع مثل هشام بن الحكم ، وجواب الإمام عليه السلام له على هذا النحو يدلّ على أنّه كان يعلم أنّ ما سأل عنه محال ، والقدرة لا تتعلّق بالمحال ، لنقصه عن الإستعداد لتعلّق القدرة به ، فعدوله عليه السلام إلى ما يدلّ على كمال القدرة مع وجوده ، وعدم لزوم المحال فيه ، مع كونه نظيراً لما أراده السّائل فيه ، تمام الفصاحة والبلاغة ، والإلزام لمن عرف عليه السلام من حاله أنّه يفهم ذلك ، وحال هشام في فهمه كحال الديصاني ، وإلاّ فمثل هشام مع العلم بحاله لا يخفى عليه أنّ السائل أراد غير ما أجابه عليه السلام به ولم يراجعه في ذلك لأجل دفع ما يورده السائل من أنّه أراد غير ما تضمّنه الجواب.
__________________
١ ـ التوحيد : ص ١٣٠ ، ح ١٠.