بمعنى مفعول : أي مأمون من أمنه ـ كعلمه ـ إذا إستأمنه ، أو بمعنى فاعل من أمن هو ككرم فهو أمين.
و «الوحي» في اللغة : الإشارة والرسالة والكتاب والإلهام وكلّ ما ألقيته إلى غيرك ليعلمه فهو وَحي كيف كان. وهو مصدر وَحَى إليه يَحِى من باب وعد ، وأوحى إليه بالألف مثله ، وهي لغة : القرآن الفاشية ، ثم غلب إستعمال الوحي فيما يُلقى إلى الأنبياء من عند الله ، والمراد بكونه أميناً على وحيه تعالى : قوّته على ما كلّف به من ضبط الوحي في الألواح قواه الشريفة بحكم الحكمة الإلٰهيّة بها عليه ، وكمال إستعداد نفسه الطاهرة لأسرار الله وعلومه ، وحكمه ، وحفظه لها ، عن ضياعها ، وصيانتها عن تدنّسها بأذهان غير أهلها ، وعدم تطرّق تبديل أو زيادة أو نقصان إليها ، إذ كان من شأن الأمين قوّته على ضبط ما يستأمن عليه ، وإستعداده له وحفظه وصيانته عن التلف والأدناس والتبديل والزيادة والنقصان ، ولهذا السرّ كانت العرب تسمّيه بالأمين قبل مبعثه لما شاهدوه من أمانته ، وشهّر بهذا الاسم قبل نبوّته وبعدها.
قوله عليه السلام : «ونجيبك من خلقك» النجيب : الكريم النفيس في نوعه ، فعيل بمعنى فاعل ، من نَجُبَ ككَرُمَ نجابة ، ويحتمل أن يكون بمعنى مفعول : أي اللُّباب الخالص الذي انتجبته من خلقك ، من قولهم : نجبت العُود من باب ـ ضَرَب ـ و ـ قتل ـ وانتجبته : إذا قشرت نجَبه بالتّحريك وهو : لحاؤه وقشره وتركت لبابه وخالصه.
وفي حديث ابن مسعود : الأنعام : من نجائب القرآن أو نواجب القرآن (١).
__________________
١ ـ النهاية لإبن الأثير : ج ٥ ، ص ١٧.