و «الإستنصار» طلب النصرة ، إستنصره وإستنصر به فنصره على عدوّه : أعانه وقوّاه.
وقوله عليه السلام «بك» : يحتمل تعلّقه به وبالكفر ، إذ يقال : كفره وكفر به.
والمراد بأهل الكفر : أهل الملل المتفرّقة والأهواء المنتشرة الذين كانوا عند مقدمه صلى الله عليه واله كما قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : بعث الله محمّداً صلى الله عليه واله لإنجاز عدته ، وتمام نبوّته ، مأخوذاً على النبيين ميثاقه ، مشهورة سماته ، كريماً ميلاده ، وأهل الأرض يومئذٍ ملل متفرّقة ، وأهواء منتشرة ، وطرائق متشتّة ، بين مشبّه لله بخلقه ، أو ملحد في إسمه ، أو مشير إلى غيره ، فهداهم به من الضلالة ، وأنقذهم بمكانه من الجهالة (١).
قال بعض العلماء : إعلم أن الخلق عند مقدمه صلى الله عليه واله إمّا من عليه اسم الشرائع ، أو غيرهم.
أمّا الأوّلون : فاليهود والنصارى والمجوس ، وقد أديانهم إظمحلّت من أيديهم ، وإنّما بقوا متشبّهين بأهل الملل ، وقد كان الغالب عليهم دين التشبيه ومذهب التجسّم ، كما حكى القرآن الكريم عنهم : «وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ» (٢) ، «وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ» (٣).
والمجوس أثبتوا أصلين أسندوا إلى أحدهما : الخير وإلى الثاني : الشرّ ، وسمّوهما : النور والظلمة ، وبالفارسيّة : يزدان وأهرمن ، ثم زعموا أنّه جرت بينهما محاربة ، ثم إنّ الملائكة توسّطت وأصلحت بينهما علىٰ أن
__________________
١ ـ نهج البلاغة : ص ٤٤ ، الخطبة ١.
٢ ـ المائدة : ١٨.
٣ ـ التوبة : ٣٠.