يكون العالم السفلي خالصاً لأهر من الذي هو الظلمة ، سبعة آلاف سنة ، ثم يخلّي العالم ويسلّمه إلى يزدان الذي هو النور ، إلى غير ذلك من هذيانهم وخبطهم.
وأمّا غيرهم من أهل الأهواء المنتشرة والطرائق المتشتّة فمنهم : العرب أهل مكّة وغيرهم ، وقد كانت منهم معطّلة ، ومنهم محصّلة نوع تحصيل. أمّا المعطلة : فصنف منهم أنكروا الخالق والبعث والإعادة ، وقالوا : بالطبع المحيي والدهر المفني ، وهم الذين حكى القرآن عنهم : «وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ» (١) وقصروا الموت والحياة على تحلّل الطبائع المحسوسة وتركّبها ، فالجامع هو الطبع ، والمهلك هو الدهر : «وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ» (٢).
وصنف منهم : أقرّوا بالخالق وإبتداء الخلق عنه ، وأنكروا البعث والإعادة ، وهم المحكيّ عنهم في القرآن الكريم : «وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ» (٣)
وصنف منهم : إعترفوا بالخالق ونوع من الإعادة ، لكنّهم عبدوا الأصنام وزعموا أنّها شفعاؤهم عند الله كما قال تعالى : «وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ» (٤).
__________________
١ ـ الجاثية : ٢٤.
٢ ـ الجاثية : ٢٤.
٣ ـ يس : ٧٨ ـ ٧٩.
٤ ـ يونس : ١٨.