دليل المنع ، فليس لمخلوق حقّ في تحريم شيء أباحه الله إلا بإذنه ، كما قال : (قُلْ : أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ ، فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً ، قُلْ : آللهُ أَذِنَ لَكُمْ ، أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) [يونس ١٠ / ٥٩].
وعلم الله واسع شامل لكل ما خلق ، وهو خالق كل شيء ، فوجب أن يكون عالما بكل شيء ، ولا يكون هذا النظام المحكم في السموات والأرض إلا من لدن حكيم عليم بما خلق ، فلا عجب أن يرسل رسولا مؤيدا بكتاب لهداية الناس ، يضرب فيه الأمثال بما شاء من مخلوقاته ، عظم أو صغر.
وآية (ثُمَّ اسْتَوى) وآية (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) [طه ٢٠ / ٥] من مشكلات التفسير ، وللعلماء ثلاثة آراء فيها (١) :
الرأي الأول لكثير من الأئمة : نقرؤها ونؤمن بها ولا نفسرها ، روي عن مالكرحمهالله أن رجلا سأله عن قوله تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) فقال : الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وأراك رجل سوء.
الرأي الثاني للمشبهة : نقرؤها ونفسرها على ما يحتمله ظاهر اللغة وهو أن الاستواء : الارتفاع والعلو على الشيء ، أو الانتصاب.
وهذا باطل ، لأن ذلك من صفات الأجسام ، والله تعالى منزه عن ذلك.
الرأي الثالث لبعض العلماء : نقرؤها ونتأولها ونحيل حملها على ظاهرها.
فقيل : المعنى استوى ، كما قال الشاعر :
قد استوى بشر على العراق |
|
من غير سيف ودم مهراق |
__________________
(١) تفسير الطبري : ١ / ١٤٩ وما بعدها ، تفسير القرطبي : ١ / ٢٥٤ وما بعدها.