(وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ) تكرار الفعل مع ما قبله : (إِنِّي أَعْلَمُ) للتنبيه على إحاطة علم الله تعالى بجميع الأشياء ، وهذا يسمى بالإطناب. (تُبْدُونَ) و (تَكْتُمُونَ) يسمى في علم البديع بالطباق.
المفردات اللغوية :
(وَإِذْ) : اذكر يا محمد. (رَبُّكَ) الرب : المالك والسيد والمصلح والجابر. (لِلْمَلائِكَةِ) : أجسام نورانية لا يأكلون ولا يشربون ، لا يعصون الله ما أمرهم ، ويفعلون ما يؤمرون. وهو جمع ملك ، وأصله : ملاك وزنه مفعل. (خَلِيفَةً) : الخليفة : من يخلف غيره ويقوم مقامه في تنفيذ الأحكام ، والمراد بالخليفة هنا آدم عليهالسلام. (يُفْسِدُ فِيها) بالمعاصي (وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) يريقها بالقتل عدوانا ، كما فعل بنو الجان ، وكانوا فيها ، فلما أفسدوا أرسل الله عليهم الملائكة ، فطردوهم إلى الجبال والجزر. (نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ) ننزهك عن كل نقص ، متلبسين بحمدك ، أي تقول : سبحان الله وبحمده (وَنُقَدِّسُ لَكَ) نمجدك ونعظمك وننزهك عما لا يليق بعظمتك ، فاللام زائدة ، والجملة حال ، أي فنحن أحق بالاستخلاف (أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) من المصلحة في استخلاف آدم. (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ) واحدها اسم ، وهو في اللغة : ما به يعلم الشيء ، والمراد به : أسماء المسميات ، فحذف المضاف إليه ، لكونه معلوما مدلولا عليه ، بذكر الأسماء ، لأن الاسم لا بد له من مسمى.
(ثُمَّ عَرَضَهُمْ) أي عرض المسميات ، وفيه تغليب العقلاء. (أَنْبِئُونِي) أخبروني ، وقد يستعمل الإنباء في الإخبار بما فيه فائدة عظيمة ، وهو المراد هنا.
(سُبْحانَكَ) تقديسا وتنزيها لك عن الاعتراض عليك. (الْعَلِيمُ) الذي لا تخفى عليه خافية ، (الْحَكِيمُ) المحكم لمبتدعاته ، فلا يفعل إلا ما فيه الحكمة البالغة.
المناسبة :
هذه القصة أو المحاورة بين الله تعالى وملائكته نوع من التمثيل بإبراز المعاني المعقولة بالصور المحسوسة ، تقريبا للأفهام ، وفيها بيان مدى تكريم الله للإنسان باختيار آدم خليفة عن الله في الأرض ، وتعليمه اللغات التي لا تعلمها الملائكة ، مما يوجب على الناس الإيمان بهذا الخالق الكريم ، ولا يليق بأحد الكفر والعناد ، وهو استمرار في توبيخ الكفار ، وتذكيرهم بنعم الله عليهم.