الظاهر من هذه الآية وأمثالها أنه منهم ، قال ابن عباس : كان إبليس من الملائكة ، فلما عصى الله ، غضب عليه ، فلعنه ، فصار شيطانا (١). قال البغوي : وهو الأصح ، لأن خطاب السجود كان مع الملائكة. وقوله : (كانَ مِنَ الْجِنِ) أي من الملائكة الذين هم خزنة الجنة. وقال سعيد بن جبير : من الذين يعملون في الجنة. وقال قوم : من الملائكة الذين كانوا يصوغون حلي أهل الجنة (٢).
والراجح لدي هو القول الأول لصريح آية (كانَ مِنَ الْجِنِ) ولأن إبليس قد عصى أمر ربه ، والملائكة لا يعصون الله ما أمرهم.
ويستدل من قصة الإباء عن السجود أن الامتناع عن تنفيذ أوامر الله والاستكبار والغرور مسبب للكفر ، لأنه لما كره إبليس السجود في حقه ، واستعظمه في حق آدم ، فكان ترك السجود لآدم تسفيها لأمر الله وحكمته ، فصار من الكافرين.
واختلف ، هل كان قبل إبليس كافر أو لا؟ فقيل : لا ، وإن إبليس أول من كفر ، وقيل : كان قبله قوم كفار وهم الجن الذين كانوا في الأرض. واختلف أيضا : هل كفر إبليس جهلا أو عنادا؟ على قولين بين أهل السنة ، ولا خلاف أنه كان عالما بالله تعالى قبل كفره. فمن قال : إنه كفر جهلا قال : إنه سلب العلم عند كفره. ومن قال : كفر عنادا قال : كفر ومعه علمه (٣).
واستنبط علماء المالكية من هذه القصة ومن علم الله بكفر إبليس سابقا : أن من أظهر الله تعالى على يديه ممن ليس بنبي كرامات وخوارق للعادات ، ليس
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١ / ٢٩٤
(٢) معالم التنزيل بهامش تفسير البغوي : ١ / ٤١
(٣) تفسير القرطبي : ١ / ٢٩٨