فأجدر بسلائلهم الذين كانوا في عصر تنزيل القرآن ألا يجحدوا نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم ، خوفا من أن يحل بهم ما حل بأسلافهم.
التفسير والبيان :
واذكروا يا بني إسرائيل وقت أخذنا العهد على أسلافكم بالعمل بما في التوراة ، فرفضوا حتى رفع الله فوقهم الطور تخويفا وإرهابا ، وأمرهم أن يأخذوا بما فيها بجد ونشاط ومواظبة على العمل ، واذكروا ما في التوراة واعملوا بما فيها من الأحكام ، وتدبروا معانيها حتى تكونوا من المتقين ، لأن العلم يرشد إلى العمل ، والعمل يرسخ العلم في النفس ، ويطبع فيها سجية المراقبة لله ، وبها تصير تقية تتقي المعاصي ، نقية من الرذائل ، مرضية عند ربها ، كما قال تعالى : (وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى) [طه ٢٠ / ١٣٢].
فقبلتم إلى حين ، ثم أعرضتم بعد ذلك عن الطاعة ، فلو لا رحمة الله ولطفه بكم وإمهاله إياكم ، إذ لم يعجل عقوبتكم بما تستحقون ، لكنتم من الهالكين الخاسرين سعادتي الدنيا والآخرة.
ولقد علمتم شأن آبائكم الذين تجاوزوا الحد بصيد السمك يوم السبت ، وكان محرما فيه لقصره على العبادة ، فإن موسى عليهالسلام حظر عليهم العمل في هذا اليوم ، وفرض عليهم فيه طاعة ربهم ، وأباح لهم العمل في بقية أيام الأسبوع.
وكان جزاؤهم أنهم أصبحوا في مرتبة الحيوان ، يعيشون من دون عقل ووعي وتفكير ، ويتخبطون في أهوائهم ، كالقردة في نزواتها ، والخنازير في شهواتها ، يأتون المنكرات علانية ، بعيدين عن الفضائل الإنسانية ، حتى احتقرهم الناس ، ولم يروهم أهلا للمعاشرة والمعاملة.
فمعنى صيرورتهم قردة خاسئين : تصييرهم مبعدين عن الخير أذلاء صاغرين.