بفعل مقدر ، وتقديره : وأحسنوا بالوالدين إحسانا. وقوله : ((إِحْساناً) إما منصوب على المصدر بالفعل المقدر الذي تعلق به الجار والمجرور في قوله : (بِالْوالِدَيْنِ) وتقديره : وأحسنوا بالوالدين إحسانا ، أو منصوب ، لأنه مفعول فعل مقدر ، وتقديره : واستوصوا بالوالدين إحسانا. (حُسْناً) مفعول به منصوب لفعل : قولوا ، وتقديره : قولوا قولا ذا حسن ، أو صفة لمصدر محذوف ، وتقديره : قولا حسنا (إِلَّا قَلِيلاً) منصوب على الاستثناء الموجب من ضمير (تَوَلَّيْتُمْ).
البلاغة :
(لا تَعْبُدُونَ) خبر في معنى النهي ، وهو أبلغ من صريح النهي ، لأن حق المنهي عنه المبادرة إلى تركه ، فكأنه انتهى عنه ، وجاء بصيغة الخبر. (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) وقع المصدر موقع الصفة ، أي قولا حسنا أو ذا حسن للمبالغة ، فإن العرب تضع المصدر مكان اسم الفاعل أو الصفة بقصد المبالغة ، فيقولون : هو عدل.
المفردات اللغوية :
(وَإِذْ) واذكر إذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل في التوراة (مِيثاقَ) الميثاق : العهد المؤكد الذي أخذ عليهم في التوراة ، علما بأن العهد نوعان : عهد خلقة وفطرة ، وعهد نبوة ورسالة ، وهذا هو المراد هنا.
(لا تَعْبُدُونَ) خبر بمعنى النهي. (إِحْساناً) تحسنون إلى الوالدين إحسانا ، أي برا.
(وَذِي الْقُرْبى) صاحب القربى من جهة الرحم أو العصب. (حُسْناً) أي وقولوا للناس قولا حسنا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والصدق في شأن محمد ، والرفق بهم. (تَوَلَّيْتُمْ) أعرضتم عن الوفاء به ، فيه التفات عن الغيبة إلى الخطاب ، والمراد : آباؤهم (وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ) عنه كآبائكم.
المناسبة :
تنوع الأسلوب القرآني في معالجة مساوئ اليهود وقبائحهم ، وترويضهم ، ونقلهم إلى حال أفضل من حالهم في الماضي والحاضر ، ففي الآيات السابقة عدّد الله النعم التي أنعم بها على بني إسرائيل ، كتفضيلهم على العالمين ، وإنجائهم من الغرق ، وإنزال المن والسلوى عليهم ، ثم ما يحدث إثر كل نعمة من مخالفة ، فعقوبة ، فتوبة.