البلاغة :
(تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ) أي بعضكم ، ومن قتل غيره فكأنما قتل نفسه ، فهو مجاز.
(أَفَتُؤْمِنُونَ) استفهام إنكاري للتوبيخ. (خِزْيٌ) تنكيره للتفخيم والتهويل.
المفردات اللغوية :
(تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ) تريقونها بقتل بعضكم بعضا. (وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ) لا يخرج بعضكم بعضا من داره. (ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ) قبلتم ذلك الميثاق. (وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ) على أنفسكم.
(تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ) يقتل بعضكم بعضا. (تَظاهَرُونَ) تتظاهرون أي تتعاونون عليهم.(بِالْإِثْمِ) بالمعصية أو الذنب : وهو الفعل الذي يستحق فاعله الذم واللوم. (وَالْعُدْوانِ) الظلم والاعتداء. (أُسارى) أسرى جمع أسير ، أي مأسورين. (تُفادُوهُمْ) تنقذوهم من الأسر بالفداء من مال أو غيره ، وهو مما عهد إليهم. (خِزْيٌ) هوان وذل.
(اشْتَرَوُا) استبدلوا.
المناسبة التاريخية المتجددة :
كان سفك الدماء وتقاتل اليهود وطرد بعضهم بعضا من ديارهم ظاهرة شائعة فيهم ، وظللت هذه الظاهرة إلى عصر التنزيل القرآني ، فكان يهود بني قريظة حالفوا الأوس ، ويهود بني النضير حالفوا الخزرج ، فإذا نشبت الحرب بينهم ، كان كل فريق من اليهود يقاتل مع حلفائه ، فيقتل اليهودي يهوديا آخر ، ويخرب بعضهم ديار بعض ، ويخرجونهم من بيوتهم ، وينهبون ما فيها من الأثاث والمال ، مع أن ذلك محرم عليهم بنص التوراة ، وإذا أسر بعضهم فدوهم بالمال ، وكانوا إذا سئلوا ، لم تقاتلونهم وتفدونهم ، قالوا : أمرنا ـ أي في التوراة ـ بالفداء ، فيقال : فلم تقاتلونهم؟ فيقولون : حياء أن تستذل حلفاؤنا ، فأنزل الله : (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ)(١)
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ١ / ١٢١