فقه الحياة أو الأحكام :
الوفاء بالعهد من صفات المؤمنين المخلصين ، والإخلال بالعهد من صفات الكافرين والمنافقين ، ومن ألزم العهود والمواثيق الواجب تنفيذها واحترامها هو عهد الله ، فمن أخل به ولم يرع جميع بنوده وأحكامه ، استحق العقاب والتوبيخ والاستهجان. وفي تعبير القرآن عن المخالفة والمعصية بالكفر دليل على أن من يقدم على الذنب ، ولا يبالي بنهي الله ، فهو كافر به.
وإن تجزئة أحكام الله ، بأخذ بعضها وقبوله ، ورفض بعضها والإعراض عنه ، كفر بجميع الأحكام الإلهية. قال العلماء : كان الله تعالى قد أخذ على اليهود أربعة عهود : ترك القتل ، وترك الإخراج ، وترك المظاهرة ، وفداء أساراهم ، فأعرضوا عن كل ما أمروا به إلا الفداء ، فوبخهم الله على ذلك توبيخا يتلى ، فقال : (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ) وهو التوراة (وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ)(١).
وقد أكدت شريعتنا حكم فداء الأسارى وأنه واجب ، قال علماء المالكية وغيرهم : فداء الأسرى واجب ، وإن لم يبق درهم واحد. قال ابن خويز منداد : تضمنت الآية وجوب فك الأسرى ، وبذلك وردت الآثار عن النّبي صلىاللهعليهوسلم أنه فك الأسارى وأمر بفكّهم ، وجرى بذلك عمل المسلمين ، وانعقد به الإجماع. ويجب فك الأسارى من بيت المال ، فإن لم يكن فهو فرض على كافة المسلمين ، ومن قام به منهم أسقط الفرض عن الباقين (٢).
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٢ / ٢٢
(٢) المرجع والمكان السابق ، أحكام القرآن للجصاص : ١ / ٤٠