خيبر ، فعاذت اليهود بهذا الدعاء : «اللهم إنا نسألك بحق محمد النّبيّ الأميّ الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان ، إلا نصرتنا عليهم» فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء فهزموا غطفان. فلما بعث النّبي صلىاللهعليهوسلم كفروا به ، فأنزل الله تعالى : (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا) أي بك يا محمد ، إلى قوله : (فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ)(١).
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أن يهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلىاللهعليهوسلم قبل مبعثه ، فلما بعثه الله من العرب ، كفروا به ، وجحدوا ما كانوا يقولون فيه ، فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء وداود بن سلمة : يا معشر اليهود : اتقوا الله وأسلموا ، فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ، ونحن أهل شرك ، وتخبروننا بأنه مبعوث ، وتصفونه بصفته ، فقال أحد بني النضير : ما جاءنا بشيء نعرفه ، وما هو بالذي كنا نذكر لكم ، فأنزل الله : (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ) [البقرة ٢ / ٨٩].
وقال السدي : «كانت العرب تمرّ بيهود ، فتلقى اليهود منهم أذى ، وكانت اليهود تجد نعت محمد في التوراة أنه يبعثه الله ، فيقاتلون معه العرب ، فلما جاءهم محمدصلىاللهعليهوسلم كفروا به حسدا ، وقالوا : إنما كانت الرسل من بني إسرائيل ، فما بال هذا من بني إسماعيل» (٢).
التفسير والبيان :
اليهود قساة القلوب ، عبدة المصالح المادية ، والأهواء الذاتية ، فتجددت فيهم الإنذارات الإلهية ، وأرسلت إليهم الرسل ، بعضهم إثر بعض ، فكان
__________________
(١) أخرجه الحاكم في المستدرك والبيهقي في الدلائل بسند ضعيف عن ابن عباس.
(٢) أسباب النزول للواحدي : ص ١٥ ، أسباب النزول للسيوطي : ص ١٩ وما بعدها.