المفردات اللغوية :
(اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ) باعوها ، لأن «اشترى» بمعنى باع ، وبمعنى ابتاع ، وكل من ترك شيئا وأخذ غيره فقد اشتراه. (بِما أَنْزَلَ اللهُ) من القرآن. (بَغْياً) مفعول لأجله ليكفروا ، أي حسدا. (فَباؤُ) رجعوا. (بِغَضَبٍ) الغضب أشد من اللعن ، والتنكير للتعظيم ، والمعنى : فرجعوا وانقلبوا متلبسين بالغضب.
(وَيَكْفُرُونَ) الواو للحال. (بِما وَراءَهُ) سواه أو بعده من القرآن. (وَهُوَ الْحَقُ) حال. (مُصَدِّقاً) حال ثانية مؤكدة. (فَلِمَ تَقْتُلُونَ) قتلتم ، والخطاب للموجودين في زمن نبيّنا بما فعل آباؤهم ، لرضاهم به.
التفسير والبيان :
يعلم اليهود المعاصرون للنبي صلىاللهعليهوسلم أنه النّبي المبشر به في التوراة : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) [البقرة ٢ / ١٤٦] ولكنهم لم يؤمنوا حسدا وبغيا ، فعقب الله على موقفهم بذمهم ذما شديدا ، باختيارهم الكفر على الإيمان ، وبذل أنفسهم فيه ، وكأنهم فقدوها كما يفقد البائع المبيع ، وكانت علة كفرهم محض العناد الذي هو نتيجة الحسد ، وخوف ضياع الزعامة والمال من أيديهم ، وكراهة أن ينزل الله الوحي من فضله على من يختاره من عباده ، فأصبحت عاقبتهم أنهم قد رجعوا بغضب من الله جديد لكفرهم بالنبيصلىاللهعليهوسلم ، بعد كفرهم بموسى عليهالسلام وبمن جاء بعده من الأنبياء. ولهم بسبب كفرهم عذاب يصحبه إهانة وإذلال في الدنيا والآخرة ، أما في الدنيا فلهم الخزي وسوء الحال ، وأما في الآخرة فلهم الخلود في نار جهنم.
وإذا قال النّبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ليهود المدينة : آمنوا بالقرآن الذي أنزله الله ، قالوا : إنما نؤمن بالذي أنزل علينا في التوراة ، ونكفر بما سواه وهو القرآن الذي جاء مصدقا لها ، وهو الحق الذي لا شك فيه. فيرد الله عليهم : إن القرآن هو الحق من عند الله المصدق للتوراة التي معكم ، وكلاهما من عند الله ، فكيف