كان إيمانكم بالتوراة يدعوكم إلى هذا ، فبئس هذا الإيمان الذي يوجه إلى هذه الأعمال التي تفعلونها ، مثل عبادة العجل ، وقتل الأنبياء ، ونقض الميثاق.
وهاتان الآيتان ردّ على اليهود الذين لم يؤمنوا بالنبيّ محمد صلىاللهعليهوسلم ، وزعموا أنهم مؤمنون بالتوراة دون غيرها ، فهم في الواقع لم يؤمنوا بشيء ، لا بالتوراة ولا بالقرآن ، فاستحقوا التوبيخ والتقريع.
فقه الحياة أو الأحكام :
إن الإيمان الصحيح بشيء هو الذي يدعو إلى الانسجام التام مع مقتضيات ذلك الإيمان ، فمن آمن بالتوراة بحق ، وجب عليه العمل بما فيها ، والتزام أوامرها ، واجتناب نواهيها ، وهذا يدعوه أيضا إلى الإيمان بكل ما يؤيدها ويؤكدها ويقرر مضمونها ، وقد جاء القرآن مصدقا لما في التوراة ، فلزم الإيمان به ، واتباع هديه.
أما اليهود في الماضي وفي عصر النّبوة فعجيب أمرهم ، يدّعون الإيمان بالتوراة ، وهي التي ترشد إلى توحيد الإله وعبادته ، ثم يعبدون العجل ويتخذونه إلها ، ويكفرون بآيات الله ، ويخالفون الأنبياء ، ويكفرون بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، وهذا أكبر الذنوب وأشد الأمور عليهم ، إذ كفروا بخاتم الرسل وسيد الأنبياء والمرسلين المبعوث إلى الناس جميعا.
فكيف يدّعون الإيمان لأنفسهم ، وقد فعلوا هذه الأفاعيل القبيحة من نقض الميثاق ، والكفر بآيات الله ، وعبادة العجل من دون الله؟.
ومع ذلك عفا الله عنهم وقبل توبتهم لما تابوا عن عبادة العجل ، كما سبق في تعداد نعم الله عليهم.