(وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ) على العمل بما في التوراة. (الطُّورَ) الجبل. (بِقُوَّةٍ) بجد واجتهاد. (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ) خالط حبّ العجل قلوبهم ، كما يخالط الشراب الجسد. (بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ) أي بئس شيئا ، يأمركم به إيمانكم بالتوراة عبادة العجل. (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) بالتوراة ، كما زعمتم ، والمعنى : لستم بمؤمنين بالتوراة ، وقد كذبتم محمدا ، والإيمان بها لا يأمر بتكذيبه.
التفسير والبيان :
لقد كفر اليهود بالنعم التي أنعم الله بها عليهم كما بان في الآيات السابقة والتي كانت في أرض الميعاد ، وكفروا أيضا بالآيات الواضحات والدلائل القاطعات التي جاء بها موسى ، والتي تدل على أنه رسول الله ، وأنه لا إله إلا الله. والآيات البينات : هي التي حدثت قبل الميعاد الذي نزلت فيه التوراة ، وهي تسع كما قال تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ) [الإسراء ١٧ / ١٠١] ، وهي الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والعصا واليد وفرق البحر والسّنون. ولم تزدهم تلك الآيات إلا توغلا في الشرك والوثنية ، ولم يشكروا نعم الله عليهم ، وقابلوها باتخاذ العجل إلها يعبدونه من دون الله ، والعجل : هو الذي صنعه لهم السامري من حليّهم ، وجعلوه إلها وعبدوه. وهذا دليل على قسوة قلوبهم وفساد عقولهم ، فلا أمل في هدايتهم ، وهو ظلم ووضع للشيء في غير موضعه اللائق به ، وأي ظلم أعظم من الإشراك بالله؟
واذكر يا محمد وقت أن أخذ عليهم الميثاق بأن يعملوا بما في التوراة ويأخذوا بما فيها بقوة ، فخالفوا الميثاق وأعرضوا عنه ، حتى رفع الطور عليهم إرهابا لهم ، فقبلوه ، ثم خالفوه وكأنهم قالوا : سمعنا وعصينا ، ثم أوغلوا في المخالفة ووقعوا في الشرك ، واتخذوا العجل إلها ، وخالط حبه قلوبهم ، وتمكن الحب الشديد لعبادة العجل في نفوسهم ، بسبب ما كانوا عليه من الوثنية في مصر.
قل يا محمد لليهود الحاضرين ، بعد أن علموا أحوال رؤسائهم السالفين : إن