النفي ، و (خَلاقٍ) مبتدأ ، و (لَهُ فِي الْآخِرَةِ) خبره ، والمبتدأ وخبره خبر المبتدأ الأول الذي هو «من» ولام (لَمَنِ) علّقت (عَلِمُوا) أن تعمل فيما بعدها. ويجوز أن تكون «من» شرطية.
(وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا) أن هاهنا مصدرية ، والتقدير : ولو وقع إيمانهم ، و (لَوْ) حرف يمتنع له الشيء لامتناع غيره ، وجوابه (لَمَثُوبَةٌ) و «مثوبة» مبتدأ ، وجاز الابتداء به مع كونه نكرة ، لأنه تخصص بالصفة وهو (مِنْ عِنْدِ اللهِ) فقرب من المعرفة ، وخبره : (خَيْرٌ).
البلاغة :
(لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) هذا جار على الأسلوب البلاغي : وهو أن العالم بالشيء إذا لم يجر على موجب علمه قد ينزّل منزلة الجاهل به.
(لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ) عبر بالجملة الاسمية لإفادة الثبوت والاستقرار.
المفردات اللغوية :
(ما تَتْلُوا) أي تلت الشياطين على عهد ملك سليمان من السحر أي في زمان ملكه ، والمراد بالشياطين : شياطين الإنس والجن (وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ) أي وما سحر ، والسحر لغة : كل ما لطف مأخذه وخفي سببه ، وسحره : خدعه ، والملكان : رجلان صاحبا هيبة ووقار يجلهما الناس ويحترمونهما. وبابل : بلد بالعراق في أرض الكوفة لها شهرة تاريخية قديمة (فِتْنَةٌ) اختبار وابتلاء (اشْتَراهُ) استبدل ما تتلو الشياطين (خَلاقٍ) نصيب وحظ (شَرَوْا) باعوا. المثوبة : المثوبة : الثواب. وكان أهل بابل قوما صابئين يعبدون الكواكب السبعة ، ويسمونها آلهة ، ويعتقدون أن حوادث العالم كلها من أفعالها ، وهم معطّلة لا يعترفون بالصانع الواحد المبدع للكواكب وجميع أجرام العالم ، وهم الذين بعث الله تعالى إليهم إبراهيم خليله صلوات الله عليه ، فدعاهم إلى الله تعالى ، وحاجهم بما بهرهم به وأقام عليهم به الحجة (١).
سبب نزول الآية (١٠٢):
قال محمد بن إسحاق : قال بعض أحبار اليهود : ألا تعجبون من محمد ، يزعم أن سليمان كان نبيا؟ والله ما كان إلا ساحرا ، فأنزل الله : (وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ).
__________________
(١) أحكام القرآن للجصاص : ١ / ٤٣