وللعلماء رأيان في طريقة كتابة القرآن أو الإملاء (١) :
١ ـ رأي جمهور العلماء ومنهم الإمامان مالك وأحمد : أنه يجب كتابة القرآن كما وردت برسمها العثماني في المصحف الإمام ، ويحرم مخالفة خط عثمان في جميع أشكاله في كتابة المصاحف ، لأن هذا الرسم يدلّ على القراءات المتنوعة في الكلمة الواحدة.
٢ ـ رأي بعض العلماء (وهم أبو بكر الباقلاني وعز الدين بن عبد السلام وابن خالدون) : أنه تجوز كتابة المصاحف بالطرق أو الرسوم الإملائية المعروفة للناس ، لأنّه لم يرد نص في الرسم ، وإن ما في الرسم من زيادات أو حذوف لم يكن توقيفا أوحى الله به على رسوله ، ولو كان كذلك لآمنا به وحرصنا عليه ، وإذا كتب المصحف بالإملاء الحديث أمكن قراءته صحيحا وحفظه صحيحا.
وقد رأت لجنة الفتوى بالأزهر وغيرها من علماء العصر (٢) الوقوف عند المأثور من كتابة المصحف ، احتياطا لبقاء القرآن على أصله لفظا وكتابة ، وحفاظا على طريقة كتابته في العصور الإسلامية السابقة ، دون أن ينقل عن أحد من أئمة الاجتهاد تغيير هجاء المصحف عما رسم به أولا ، ولمعرفة القراءة المقبولة والمردودة ، فلا يفتح فيه باب الاستحسان الذي يعرض القرآن للتغيير والتحريف ، أو للتلاعب به ، أو البعث بآياته من ناحية الكتابة. لكن لا مانع في رأي جماهير العلماء من كتابة القرآن بطرق الإملاء الحديثة في مجال الدرس والتعليم ، أو عند الاستشهاد بآية أو أكثر في بعض المؤلفات الحديثة ، أو في كتب وزارة التربية والتعليم ، أو أثناء عرضه على شاشة التلفاز.
__________________
(١) تلخيص الفوائد لابن القاصّ : ص ٥٦ وما بعدها ، الإتقان للسيوطي : ٢ / ١٦٦ ، البرهان في علوم القرآن للزركشي : ١ / ٣٧٩ ، ٣٨٧ ، مقدمة ابن خالدون : ص ٤١٩.
(٢) مجلة الرسالة : العدد ٢١٦ ، سنة ١٩٣٧ ، ومجلة المقتطف تموز سنة ١٩٣٣