يقوم به آناء الليل وآناء النهار ، ورجل آتاه الله مالا ، فهو ينفقه آناء الليل ، وآناء النهار» وحقيقته : أن تتمنى أن يكون لك ما لأخيك المسلم من الخير والنعمة ، ولا يزول عنه خيره. وفي أمره تعالى لهم بالعفو والصفح إشارة إلى أن المؤمنين على قلّتهم ، هم أصحاب القدرة والشوكة ، لأن الصفح لا يكون إلا من القادر. أخرج ابن أبي حاتم عن أسامة بن زيد ـ وأصله في الصحيحين ـ : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب ، كما أمرهم الله ، ويصبرون على الأذى ، قال الله تعالى : (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ ، إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [البقرة ٢ / ١٠٩]. وكان رسول اللهصلىاللهعليهوسلم يتأوّل من العفو ما أمره الله به ، حتى أذن الله فيهم بالقتل ، فقتل الله به من قتل من صناديد قريش.
وقد جرت سنة الله في القرآن أن يقرن الزكاة بالصلاة ، لما في الصلاة من إصلاح حال الفرد ، ولما في الزكاة من إصلاح حال المجتمع ، وكلاهما من أسباب السعادة الدنيوية والأخروية ، بدليل ما أردف الله تعالى الأمر بهما بقوله : (وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ جاء في الحديث : «إن العبد إذا مات ، قال الناس : ما خلف؟ وقالت الملائكة : ما قدّم؟».
ودلّ قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) على أنه مهما فعل الناس من خير أو شرّ ، سرا وعلانية ، فهو به بصير ، لا يخفى عليه منه شيء ، فيجزيهم بالإحسان خيرا ، وبالإساءة مثلها. وهذا الكلام وإن خرج مخرج الخبر ، فإن فيه وعدا ووعيدا ، وأمرا وزجرا ، وذلك أنه أعلم القوم أنه بصير بجميع أعمالهم ، ليجدّوا في طاعته ، إذ كان ذلك مذخورا لهم عنده ، حتى يثيبهم عليه ، كما قال تعالى : (وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ) [البقرة ٢ / ١١٠].
وثبت في الحديث : «إذا مات الإنسان ، انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة