وأخرج ابن جرير عن أبي زيد قال : نزلت في المشركين ، حين صدوا رسول الله عن مكة يوم الحديبية.
ورجح ابن العربي أنها نزلت في صلاة النّبي صلىاللهعليهوسلم قبل بيت المقدس ، ثم عاد فصلّى إلى الكعبة ، فاعترضت عليه اليهود ، فأنزلها الله تعالى له كرامة ، وعليهم حجة ، كما قال ابن عباس.
وعلى أي حال ، العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فتشمل أهل الكتاب ومن على شاكلتهم ، وينطبق على ما وقع من تيطس الروماني الذي دخل بيت المقدس بعد موت المسيح بنحو سبعين سنة ، وخربها ، وهدم هيكل سليمان ، وأحرق بعض نسخ التوراة ، وكان المسيح قد أنذر اليهود بذلك. كما ينطبق على مشركي مكة الذين منعوا النّبي وأصحابه من دخول مكة ، وكذلك على الصليبيين الذين أغاروا على بيت المقدس وغيره من بلاد المسلمين ، وصدهم عن المسجد الأقصى وتخريبهم كثيرا من المساجد ، ويتكرر الأمر من اليهود في الوقت الحاضر بتخريب كثير من مساجد فلسطين ، وإحراق المسجد الأقصى ، ومحاولات هدمه المتكررة.
المناسبة :
ذكر النصارى في قوله : (وَقالَتِ النَّصارى : لَيْسَتِ الْيَهُودُ) وذكر المشركون في قوله : (كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) وفي أي فريق نزلت هذه الآية بسببه ، كان ذلك مناسبا لذكرها.
التفسير والبيان :
لا ظلم ولا اعتداء على الحرمات أشد من منع العبادة في المساجد العامة ، والسعي في تخريبها وهدمها أو تعطيل وظائفها وشعائر الدين فيها ، لما في ذلك من انتهاك حرمة الدين المؤدي إلى نسيان الخالق ، وإشاعة المنكرات والفساد بين