بمثل القرآن في نظمه ومعانيه وبيانه المشرق البديع الفريد ولو بمثل سورة منه : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا ، فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ، وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ ، إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ، وَلَنْ تَفْعَلُوا ، فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ ، أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) [البقرة ٢ / ٢٣ ـ ٢٤].
وتتكرر آي القرآن في مناسبات مختلفة مطالبة بمجاراة القرآن وتحدي العرب الذين عارضوا الدعوة الإسلامية ، ولم يؤمنوا بالقرآن ، ولم يقرّوا بنبوة محمد صلىاللهعليهوسلم ، فقال تعالى : (قُلْ : لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ ، لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ، وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) أي معينا [الإسراء ١٧ / ٨٨]. وإذ عجزوا عن الإتيان بالمثيل ، فليأتوا بعشر سور مثله ، فقال سبحانه : (أَمْ يَقُولُونَ : افْتَراهُ ، قُلْ : فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ ، وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ ، فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ ، وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ، فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [هود ١١ / ١٣ ـ ١٤].
ثم أكد الحق سبحانه التحدي أو المعارضة بمثل سورة من القرآن بعد العجز عن المثل الكامل أو عن عشر سور منه ، فقال تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ : افْتَراهُ قُلْ : فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ ، وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ ، إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [يونس ١٠ / ٣٨].
قال الطبري (١) : إن الله تعالى ذكره جمع لنبينا محمد صلىاللهعليهوسلم ولأمته ، بما أنزل إليه من كتابه معاني لم يجمعهن بكتاب أنزله إلى نبي قبله ، ولا لأمة من الأمم قبلهم ، وذلك أن كل كتاب أنزله جلّ ذكره على نبي من أنبيائه قبله ، فإنما أنزله ببعض المعاني التي يحوي جميعها كتابه الذي أنزله إلى نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم ، كالتوراة
__________________
(١) تفسير الطبري : ١ / ٦٥ ـ ٦٦