ومن سن في الإسلام سنة سيئة ، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده ، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء» (١).
أما الخلق والإيجاد فيحدث بمجرد الأمر الإلهي ، فإذا قضى أمرا أوجده فورا ، أي إذا أراد إحكام أمر وإتقانه ـ كما سبق في علمه ـ قال له : كن. قال ابن عرفة : قضاء الشيء : إحكامه وإمضاؤه والفراغ منه ، ومنه سمي القاضي ، لأنه إذا حكم ، فقد فرغ مما بين الخصمين.
ويلاحظ أن «قضى» لفظ مشترك ، يكون بمعنى الخلق ، كما في قوله تعالى : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) [فصّلت ٤١ / ١٢] أي خلقهن ، ويكون بمعنى الاعلام ، كما قال تعالى : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ) [الإسراء ١٧ / ٤] أي أعلمنا ، ويكون بمعنى الأمر ، كقوله تعالى : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) [الإسراء ١٧ / ٢٣] ، ويكون بمعنى الإلزام وإمضاء الأحكام ، ومنه سمي الحاكم قاضيا. ويكون بمعنى توفية الحق ، قال الله تعالى : (فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ) [القصص ٢٨ / ٢٩] ، ويكون بمعنى الإرادة ، كقوله تعالى : (فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ : كُنْ فَيَكُونُ) أي إذا أراد خلق شيء.
قال ابن عطية : «قضى» معناه قدّر ، وقد يجيء بمعنى أمضى (٢).
وبمناسبة قوله سبحانه (إِذا قَضى أَمْراً) ذكر العلماء أن الأمر يأتي في القرآن على أربعة عشر وجها :
الأول ـ الدّين ، قال الله تعالى : (حَتَّى جاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ) [التوبة ٩ / ٤٨] يعني دين الإسلام.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٢ / ٨٦ ـ ٨٧
(٢) المصدر السابق : ٢ / ٨٨