حلالا وظلما ، فالورع تركه ، ويجوز للمحتاج. وإن كان ما في أيديهم ظلما صراحا فلا يجوز أن يؤخذ من أيديهم (١).
وقال الجصاص : دل قوله تعالى : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) على أن الإجابة وقعت له في أن ذرية إبراهيم أئمة.
واستدل أبو حنيفة بقوله تعالى : (وَأَمْناً) على ترك إقامة الحد في الحرم على الزاني المحصن والسارق إذا لجأ إليه ، وعضدوا ذلك بقوله تعالى : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) [آل عمران ٣ / ٩٧]. والصحيح ـ كما قال القرطبي ـ إقامة الحدود في الحرم ، وأن ترك إقامتها من المنسوخ ؛ لأن الاتفاق حاصل أنه لا يقتل في البيت ، ويقتل خارج البيت.
وآية : (أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) استدل بها أبو حنيفة والشافعي والثوري على جواز صلاة الفرض والنفل داخل البيت الحرام ، قال الشافعي رحمهالله : إن صلى في جوفها مستقبلا حائطا من حيطانها ، فصلاته جائزة ، وإن صلى نحو الباب ، والباب مفتوح ، فصلاته باطلة ، وكذلك من صلى على ظهرها ، لأنه لم يستقبل منها شيئا.
وقال مالك : لا يصلي في البيت الفرض ولا السّنن ، ويصلي فيه التطوع (غير الرواتب) ، غير أنه إن صلى فيه الفرض ، أعاد في الوقت ، ودليله : ما رواه مسلم عن ابن عباس قال : أخبرني أسامة بن زيد أن النّبي صلىاللهعليهوسلم لما دخل البيت ، دعا في نواحيه كلها ، ولم يصلّ فيه حتى خرج منه ، فلما خرج ركع في قبل الكعبة ركعتين.
والحاصل : لا خلاف في صحة التطوع في الكعبة ، وأما الفرض فلا يصح عند المالكية ، لأن الله تعالى عين الجهة بقوله تعالى : (فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) [البقرة ٢ / ١٥٠].
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٢ / ١٠٩ وما بعدها.