ولا يؤاخذ أحد بذنب أحد ، كما دلت آية (وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) [البقرة ٢ / ١٣٤]. وآية (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) [الأنعام ٦ / ١٦٤] أي لا تحمل ثقل ذنب أخرى.
قال الجصاص عن آية (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) : يدل على ثلاثة معان :
أحدها ـ أن الأبناء لا يثابون على طاعة الآباء ولا يعذبون على ذنوبهم ، وفيه إبطال مذهب من يجيز تعذيب أولاد المشركين بذنوب ، الآباء ، ويبطل مذهب من يزعم من اليهود أن الله تعالى يغفر لهم ذنوبهم بصلاح آبائهم. وقد ذكر الله تعالى هذا المعنى في نظائر ذلك من الآيات ، نحو قوله تعالى : (وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها) [الأنعام ٦ / ١٦٤](وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) [الأنعام ٦ / ١٦٤] وقال : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ) [النور ٢٤ / ٥٤] ، وقد بين ذلك النّبي صلىاللهعليهوسلم حين قال لأبي رمثة ، ورآه مع ابنه : أهو ابنك؟ فقال : نعم ، قال : «أما إنه لا يجني عليك ، ولا تجني عليه» وقال عليهالسلام : «يا بني هاشم لا يأتيني الناس بأعمالهم ، وتأتوني بأنسابكم ، فأقول: لا أغني عنكم من الله شيئا» وقال عليهالسلام : «من بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه» (١).
أما الأسباط : فهم ولد يعقوب عليهالسلام ، وهم اثنا عشر ولدا ، ولد لكل واحد منهم أمة من الناس ، واحدهم سبط ، والسبط في بني إسرائيل بمنزلة القبيلة في ولد إسماعيل. وسمّوا الأسباط من السّبط وهو التتابع ، فهم جماعة متتابعون. قال ابن عباس : كل الأنبياء من بني إسرائيل إلا عشرة : نوحا وشعيبا وهودا وصالحا ولوطا وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وإسماعيل ومحمدا صلىاللهعليهوسلم. ولم يكن أحد له اسمان إلا عيسى ويعقوب.
__________________
(١) أحكام القرآن للجصاص : ١ / ٨٤