بوحدانية الله ، وإخلاص العمل لله ، وحبّ الخير والاعتدال في الأمور ، كما قال سبحانه : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها ، لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ، ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) [الروم ٣٠ / ٣٠].
وإن روح الدّين التوحيد ، وأساسه الإخلاص ، وهذا ما دعا إليه جميع الأنبياء ، وجدد الدعوة إليه محمد صلىاللهعليهوسلم ، فدعوته أو شريعته مكملة لدعوة وشريعة إخوانه النبيين والمرسلين.
أما الدعاوي الرخيصة ، والأكاذيب المفتراة ، والأماني التي لا تعتمد على برهان ، مما صدر من اليهود والنصارى ، فكل ذلك باطل بالحجج الثلاث التي دحض بها القرآن كل ما ذكر وهي قوله : (وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ) [البقرة ٢ / ١٣٩] ، وقوله : (أَمْ تَقُولُونَ : إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ) [البقرة ٢ / ١٤٠] ، وقوله : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ) [البقرة ٢ / ١٤٠].
ولا تكون النجاة بالاعتماد على أعمال الآخرين من الأسلاف وغيرهم ، ولا على شفاعة الصالحين دون انتفاع بهديهم وسنتهم ، وإنما السعادة والنجاة بالعمل الصالح. وأساس الصلاح إخلاص العبادة لله ، وحقيقة الإخلاص : تصفية الفعل عن مراءاة المخلوقين.
وقد أكّدت هذه الآيات أمرين عظيمين جدا هما :
الأوّل ـ أن المسؤولية الشخصية أساس الحساب ، ومناط الجزاء والعقاب ، وهذا ما تفاخر به الشريعة الإسلامية التي جاءت ناقضة لأعراف الجاهلية عند العرب والرومان من توجيه المسؤولية لغير الجاني الحقيقي.
الثاني ـ أن أولئك الأنبياء على إمامتهم وفضلهم يجازون بعملهم وكسبهم ، فغيرهم من الناس العاديين أحرى وأولى.
انتهى الجزء الأول