عليه لسلطان الله الذي يخضع له في أعماق نفسه ، ويحس بالحاجة الملحة لصاحب ذلك السلطان ، الذي خلقه وسواه ، وأنعم عليه نعما ظاهرة وباطنة ، لا تعد ولا تحصى. فصارت هذه الهداية أشد ما يحتاج إليها الإنسان ، لتحقيق سعادته.
وقد أشار القرآن إلى تلك الهدايات في آيات كثيرة ، منها (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) [البلد ٩٠ / ١٠] أي بينا له طريقي الخير والشر ، والسعادة والشقاء.
ومنها قوله تعالى : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ ، فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) [فصلت ٤١ / ١٧] أي أرشدناهم إلى طريق الخير والشر ، فاختاروا الثاني.
٥ ـ هداية المعونة والتوفيق للسير في طريق الخير والنجاة : وهي أخص من هداية الدين ، وهي التي أمرنا الله بدوام طلبها في قوله تعالى : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) أي دلنا دلالة ، تصحبها من لدنك معونة غيبية ، تحفظنا بها من الضلال والخطأ.
وهذه الهداية خاصة به سبحانه ، لم يمنحها أحدا من خلقه ، بل نفاها عن النّبيصلىاللهعليهوسلم في قوله : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ، وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [القصص ٢٨ / ٥٦] ، وقوله : (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ ، وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [البقرة ٢ / ٢٧٢] ، وأثبتها لنفسه في قوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) [الأنعام ٦ / ٩٠].
أما الهداية بمعنى الدلالة على الخير والحق ، فأثبتها الله للنّبي صلىاللهعليهوسلم في قوله : (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [الشورى ٤٢ / ٥٢].
والخلاصة : الهداية في القرآن نوعان : هداية عامة : وهي الدلالة إلى مصالح العبد في معاده ، وهذه تشمل الأنواع الأربعة السابقة ، وهداية خاصة : وهي الإعانة والتوفيق للسير في طريق الخير والنجاة ، مع الدلالة ، وهي النوع الخامس.