باركين على الرّكب ميتين. (كَأَنْ) مخففة أي كأنهم (لَمْ يَغْنَوْا) يقيموا. (كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ) شبههم بهم ؛ لأن عذابهم أيضا كان بالصيحة ، غير أن صيحتهم كانت من تحتهم ، وصيحة مدين كانت من فوقهم.
المناسبة :
هذه هي القصة السادسة من القصص المذكورة في هذه السورة ، وقد تقدم ذكر هذه القصة في سورة الأعراف ، وجيء بها في كل موضع لعظة وعبرة وأحكام مختلفة ، مع اختلاف في الأسلوب والنظم.
وتضمنت القصة هنا تبليغ شعيب عليهالسلام دعوته ، ومناقشة قومه له وردّه عليهم ، وإنذار شعيب لهم بالعذاب ، ثم وقوعه بالفعل ، ونجاة المؤمنين.
ومدين : اسم مدينة بين الحجاز والشام قرب (معان) بناها مدين بن إبراهيم عليهالسلام.
التفسير والبيان :
ولقد أرسلنا إلى مدين أخاهم في القبيلة شعيبا الذي كان من أشرفهم نسبا ، فقال : يا قوم اعبدوا الله وحده لا شريك له ، فهذا أمر بالتوحيد الذي هو أصل الإيمان ، ثم نهاهم عن التطفيف في المكيال والميزان فقال : (وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ) أي لا تنقصوا الناس حقوقهم في المكيال والميزان ، كما قال تعالى : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ. الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ. وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) [المطففين ٨٣ / ١ ـ ٣] والمطففون : المنقصون ، و (يُخْسِرُونَ) : ينقصون.
(إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ) أي إني أراكم بثروة وسعة في الرزق ورفاه في المعيشة ، تغنيكم عن الطمع والدناءة في بخس الناس حقوقهم ، وإني أخاف أن تسلبوا ما أنتم فيه بانتهاككم محارم الله تعالى ، وإني أخشى عليكم عذاب يوم يحيط بكم جميعا ،