جمال يوسف شبهنه بالملك ، ونفين عنه البشرية ، لغرابة جماله وروعة حسنه.
والأقرب عند الرازي : أن النسوة لما رأين عليه هيبة النبوة والرسالة ، وعلامة التطهر والعفة ، نفوا عنه آثار الشهوة البشرية والصفات الإنسانية ، وأثبتوا له طهر الملائكة.
قالت ، وقد نجحت في انبهارهن بجماله الأخاذ : فذلكن هو الذي وجهتن اللوم إلي بسببه ، وعبتنّ علي فعلي. وإنما قالت (فَذلِكُنَ) ولم تقل «فهذا» بالرغم من أنه حاضر أمامهن ، رفعا لمنزلته في الحسن ، وجدارة حبه والافتتان به ، واستبعادا لمحله السامي ، أي فذلك يوسف البعيد السامي في الكمال والجمال ، فأنا معذورة ، فهو حقيق أن يحب لجماله وكماله.
وإذا كان هذا حالكن معه في لحظة ، فما ذا أفعل وهو معي دائما في المنزل ، وإني أعترف وأقر أني والله لقد راودته عن نفسه ، فامتنع بإباء وشمم عما أردته منه ؛ لأنه عفيف طاهر ، ورث العفة عن أسلافه.
قال بعضهم : لما رأين جماله الظاهر ، أخبرتهن بصفاته الحسنة التي تخفى عنهن ، وهي العفة مع هذا الجمال.
ثم قالت متوعدة إياه بالعقاب : ولئن لم يفعل ما آمره به في المستقبل القريب ، ليسجنن وليكونن من الذليلين المقهورين ؛ لأن زوجي لا يخالف أمري ورغبتي.
وهذا دليل على أن حبه استولى على مجامع نفسها ، وأن السجن المؤكد الدائم سيكون عقابه ، لا مجرد الحبس المؤقت الذي كانت قد أشارت به على زوجها ، عند اكتشاف أمرها لدى الباب ، وأنها بهذا التهديد واثقة بسطانها على زوجها ، مع علمه بأمرها ، واستنكاره سلوكها ، فقد أصبح عشقها له ، وحبها المتناهي أمرا علنيا لا تواري فيه ، ولا تخشى أحدا من نقدها وتوجيه اللوم لها.