ما سَعى ، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى ، ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى) [النجم ٥٣ / ٣٦ ـ ٤١].
ونظير الآية : (وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ : لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ ، أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ ، وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) [يونس ١٠ / ٤١].
والأظهر أن قوله : (أَمْ يَقُولُونَ : افْتَراهُ) هو من محاورة نوح لقومه ، كما قال ابن عباس ؛ لأنه ليس قبله ولا بعده إلا ذكر نوح وقومه ، والخطاب منهم ولهم. وأنهم يقولون : افترى ما أخبركم به من دين الله وعقاب من أعرض عنه.
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى الآتي :
١ ـ إن عناد الكفار وغباءهم وحماقتهم استوجب كل ذلك التنكر لدعوة النبي نوحعليهالسلام ، مهما أتى به من الأدلة المثبتة لتوحيد الله ووجوب طاعته وعبادته ، وورّطهم في طلب تعجيل نقمة الله وعذابه وسخطه ، والبلاء موكل بالمنطق.
٢ ـ الجدال في الدين لتقرير الأدلة وإزالة الشبهات أمر محمود ، وهو حرفة الأنبياء ، ولهذا جادل نوح والأنبياء قومهم حتى يظهر الحق ، فمن قبله نجا ، ومن ردّه خاب وخسر.
٣ ـ التقليد والجهل والإصرار على الباطل حرفة الكفار ، والجدال لغير الحق حتى يظهر الباطل في صورة الحق أمر مذموم ، وصاحبه في الدارين ملوم.
٤ ـ قوله تعالى : (إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) رد على المعتزلة والقدرية ومن وافقهما الذين زعموا أن الله تعالى لا يريد أن يعصي العاصي ، ولا يكفر الكافر ، ولا يغوي الغاوي ، وأنه يفعل ذلك ، والله لا يريد ذلك.