وحده لا شريك له ، فقد بلغتكم رسالة ربي التي بعثني بها إليكم ، ولا عتاب علي على تفريط في التبليغ ، وكنتم محجوجين بأن ما أرسلت به إليكم قد بلغكم ، فأبيتم إلا تكذيب الرسالة وعداوة الرسول. ثم استأنف كلاما جديدا فقال : ويهلككم الله ويجيء بقوم آخرين ، يخلفونكم في دياركم وأموالكم ويكونون أطوع لله منكم ، ولا تضرونه شيئا بتوليكم وكفركم ، بل يعود وبال ذلك عليكم ، وما تضرون إلا أنفسكم ، إن ربي على كل شيء رقيب ، مهيمن عليه ، فما تخفى عليه أعمالكم ، ولا يغفل عن مؤاخذتكم.
ثم ذكر الله تعالى العذاب وآثاره وعاقبة أمر هود وقومه ، فقال : (وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا ..) أي ولما حان وقت نزول أمرنا بالعذاب ، ووقع عذابنا ، وهو الريح العقيم ، نجينا هودا والمؤمنين معه من عذاب شديد شاق ثقيل ، برحمة من لدنا ولطف منا ، وأهلكنا قومه عن آخرهم.
وسبب ذلك العقاب أن عادا كفروا بآيات ربهم وحججه ، وعصوا رسله ، وقد جمع الرسل والمقصود رسولهم هودا ؛ لأن من كفر بنبي فقد كفر بجميع الأنبياء ، فهم كفروا بهود ، فصار كفرهم كفرا بجميع الأنبياء ، واتّبعوا أمر رؤسائهم الجبابرة الطغاة المعاندين.
فلهذا لحقت بهم لعنة الله في الدنيا ، ولعنة عباده المؤمنين كلما ذكروا ، وينادى عليهم يوم القيامة على رؤوس الخلائق : ألا إن عادا كفروا بربهم وبنعمه ، وجحدوا بآياته ، وكذبوا رسله ، ألا بعدا وطردا من رحمة الله لعاد قوم هود ، وهذا دعاء عليهم بالهلاك والدمار والبعد من الرحمة.
والخلاصة : إنه تعالى جمع أوصاف عاد في ثلاثة : جحود دلائل المعجزات على الصدق ، ودلالة المحدثات على وجود الصانع الحكيم ، وعصيان رسولهم ، ومن عصى رسولا واحدا ، فقد عصى جميع الرسل ، لقوله تعالى : (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ