مِنْ رُسُلِهِ) [البقرة ٢ / ٢٨٥] ، وتقليد القوم رؤساءهم ، ثم ذكر تعالى عاقبة أحوالهم في الدنيا والآخرة وهي مصاحبة اللعن لهم في الدنيا والآخرة ، ومعنى اللعنة : الإبعاد من رحمة الله تعالى ومن كل خير ، ثم بين تعالى السبب الأصلي في استحقاق تلك الأحوال فقال : (أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ) أي جحدوه ، أو كفروا بربهم على حذف الباء ، أو نعمة ربهم ، على حذف المضاف. وفائدة قوله : (أَلا بُعْداً لِعادٍ) بعد قوله : (وَأُتْبِعُوا ..) الدلالة على غاية التأكيد. وفائدة قوله (لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ) تعيين عاد القديمة ، تمييزا لهم عن عاد التي هي إرم ذات العماد ، فقصد به إزالة الاشتباه ، أو لمزيد التأكيد.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت قصة هود مع قومه على ما يلي :
١ ـ حصر هود عليهالسلام دعوته في نوعين من التكاليف هما : الدعوة إلى التوحيد وعبادة الله وحده ، والاستغفار ثم التوبة ، والفرق بينهما أن الاستغفار : طلب المغفرة وهو المطلوب بالذات ، والتوبة : هي السبب إليها ، وذلك بالإعراض أو الإقلاع عما يضاد المغفرة ، وقدم المغفرة ؛ لأنها هي الغرض المطلوب ، والتوبة سبب إليها. وقد تقدم في أول السورة توضيح الفرق.
٢ ـ اقتصرت إجابة عاد قوم هود له على التركيز على عبادة الآلهة من الأصنام والأوثان ، وتقليد الأسلاف ، وذلك يدل على تعطيل الفكر والعقل ، وعدم النظر الحر الطليق القائم على الاستدلال بالأدلة الكثيرة والمعجزات المتضافرة التي أظهرها الله على يد هود عليهالسلام ، ومنها تحديهم بالمكايدة والمعاداة والإضرار له جميعا هم وآلهتهم ، وعدم الإمهال ساعة ، وهو موقف يدل مع كثرة الأعداء على كمال الثقة بنصر الله تعالى ، وهو أيضا من أعلام النبوة : أن يكون الرسول وحده