وروى الطبراني والبزار والبيهقي وغيرهم عن عمر بن الخطاب رضياللهعنه أنه لما تزوج أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب رضياللهعنهما قال : أما والله ، ما بي إلا أني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «كل سبب ونسب فإنه منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي».
ثم شرح أحوال السعداء والأشقياء فقال :
(فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) أي من رجحت حسناته على سيئاته ، ولو بواحدة ، فأولئك الذين فازوا بالمطلوب ، فنجوا من النار ، وأدخلوا الجنة.
(وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) أي ثقلت سيئاته على حسناته ، فأولئك الذين خابوا وهلكوا وباءوا بالصفقة الخاسرة ، بأن صارت منازلهم للمؤمنين. وهذه هي الصفة الأولى لأهل النار ، ثم أتبعها بصفات ثلاث أخرى ، فصارت أربعا :
١ ـ (فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ) أي ماكثون في جهنم على الدوام ، مقيمون فيها إلى الأبد ، وفيه دلالة بيّنة على خلود الكفار في النار.
٢ ـ (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ) أي تحرق النار وجوههم ، وتأكل لحومهم وجلودهم كما قال تعالى : (وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ) [إبراهيم ١٤ / ٥٠] وقال سبحانه : (لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ ، وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ) [الأنبياء ٢١ / ٣٩]. وإنما خص الوجوه بالذكر ؛ لأنها أشرف الأعضاء.
أخرج ابن مردويه عن أبي الدرداء رضياللهعنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم في قول الله تعالى : (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ) : تلفحهم لفحة تسيل لحومهم على أعقابهم.