٣ ـ (وَهُمْ فِيها كالِحُونَ) عابسون متقلصو الشفاه عن الأسنان. فالكلوح : أن تتقلص الشفتان وتتباعدا عن الأسنان ، كما ترى الرؤوس المشوية.
ثم ذكر الله تعالى ما يقال لأهل النار تقريعا وتوبيخا على ما ارتكبوه من الكفر والمآثم فقال :
(أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ ، فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) أي ألم تكن آياتي من القرآن تتلى عليكم للتذكير والموعظة وإزالة الشّبه ، فتكذبون بها ، وتعرضون عنها. وهذا كما قال تعالى: (كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ، قالُوا : بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ ، فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ) [الملك ٦٧ / ٨ ـ ٩] وقال سبحانه : (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً ، حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها ، وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها : أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ ، وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا ، قالُوا : بَلى ، وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ) [الزمر ٣٩ / ٧١].
وهذا من المخطط العام لرسالات الأنبياء وإنزال الكتب ، كما جاء في قوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) [الإسراء ١٧ / ١٥] وقوله عزوجل : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) [النساء ٤ / ١٦٥].
فأجابوا عن السؤال هنا :
(قالُوا : رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا ، وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ) أي غلبت علينا شهوات نفوسنا وملذاتنا ، بحيث صارت أحوالنا مؤدية إلى سوء العاقبة ، وأخطأنا طريق الحق والهدى ، كما قال تعالى : (فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا ، فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ) [غافر ٤٠ / ١١].
(رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها ، فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ) أي يا ربنا أخرجنا من