بالصوم ، فإنه له وجاء» والباءة : مؤن الزواج من مهر ونفقة وغيرها.
واستدل بعض العلماء بالآية على أنه يندب ترك الزواج لمن لا يملك أهبته مع التوقان ، وحينئذ يكون هناك تعارض مع الآية السابقة التي تندب إلى الزواج ، فقال الشافعية : هذه الآية مخصصة للآية السابقة ، أي أن تلك الآية في الفقراء الذين يملكون أهبة الزواج ، وهذه الآية في الفقراء العاجزين عن أهبة الزواج. ويرى الحنفية تأويل هذه الآية ، وأن النكاح أي المنكوحة ككتاب بمعنى مكتوب ، ويكون الأمر بالاستعفاف هنا محمولا على من لم يجد زوجة له ، وحينئذ لا تعارض بين الآيتين ، لكن قوله تعالى : (حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) يجعل هذا التأويل بعيدا.
الحكم التاسع ـ مكاتبة الأرقاء :
(وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ، فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) أي والمماليك الذين يطلبون من سادتهم المكاتبة على أداء مال معين في مدة معينة ، فاعقدوا معهم عقد الكتابة إذا كانوا من أهل الصلاح والتقوى ، والأمانة ، والقدرة على الكسب وأداء المال المشروط لسيده. وقد فسر الخير بتفسيرات قيل : إنه الأمانة والقدرة على الكسب ، وهو تفسير ابن عباس والشافعي. وقيل : إنه الحرفة ، وفي ذلك حديث مرفوع أخرجه أبو داود في المراسيل والبيهقي في السنن : «إن علمتم فيهم حرفة ، ولا ترسلوهم كلّا على الناس» ، وقيل : إنه المال ، وهو مروي عن علي وجماعة ، وقيل : إنه الصلاح والإيمان وهو تفسير الحسن البصري ، وهذا يقتضي ألا يكاتب غير المسلم ، وفيه تشدد.
والجمهور على أن الأمر في قوله تعالى : (فَكاتِبُوهُمْ) للإرشاد والندب والاستحباب ، لا أمر تحتم وإيجاب ، بل السيد مخير إذا طلب منه عبده الكتابة : إن شاء كاتبه وإن شاء لم يكاتبه ، لقوله صلىاللهعليهوسلم فيما أخرجه أحمد وأبو داود : «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه» وكما لا يجب عليه بيعه