وضمير (إِنْ يَكُونُوا) راجع إلى الأيامى من الأحرار والحرائر والصالحين من العبيد والإماء ، فيكون المراد من الإغناء التوسعة ودفع الحاجة. وقيل : إنه يرجع إلى الأيامى الأحرار والحرائر فقط ؛ لأن المراد بالإغناء في قوله تعالى : (يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) هو تمليك ما يحصل به الغنى ، والأرقاء لا يملكون.
واستدل بعض العلماء بالآية على عدم جواز فسخ الزواج بالعجز عن النفقة ؛ لأن الله تعالى لم يجعل الفقر مانعا من التزويج في ابتداء الأمر ، فلا يمنع استدامة الزواج بالأولى. وعلى كل حال فإن المقصود بالآية أنه يندب ألا يرد الخاطب الفقير ثقة بما عند الله ، كذلك يندب للمرأة إذا أعسر زوجها بنفقتها أن تصبر.
ويفهم من الآية أنه يندب للفقير أن يتزوج ولو لم يجد مؤن الزواج ؛ لأنه إذا ندب الولي إلى تزويج الفقير ، ندب الفقير نفسه إلى الزواج.
وبعد الأمر بتزويج الحرائر والإماء أغنياء أو فقراء ، وضع القرآن العلاج لحال العاجز عن وسائل الزواج ، ولم يجد أحدا يزوجه ، فقال تعالى : (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) أي وليجتهد في العفة وصون النفس من لا يتمكن من نفقات الزواج ، ويكون المراد بالنكاح حقيقته الشرعية ، وبالوجدان التمكن منه ، ويجوز أن يراد بالنكاح هنا ما ينكح به ، كركاب الذي هو اسم آلة لما يركب به. والمراد بالآية توجيه العاجزين عما يتزوجون به أن يجتهدوا في التزام جانب العفة عن إتيان ما حرم الله عليهم من الفواحش إلى أن يغنيهم الله من سعته ، ويرزقهم ما به يتزوجون ، فالتعفف عن الحرام واجب المؤمن ، وفي الآية وعد كريم من الله بالتفضل عليهم بالغنى ، فلا ييأسوا ولا يقلقوا.
جاء في الحديث الصحيح المتقدم : «يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه