غير جوار أحد ، ولقد كنت فيمن فتح كنوز كسرى بن هرمز ، والذي نفسي بيده لتكونن الثالثة ؛ لأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد قالها.
وتحققت الثالثة في عهد الخليفة الراشد العادل عمر بن عبد العزيز رحمهالله تعالى.
وأخرج الإمام أحمد عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «بشّر هذه الأمة بالسنا والرفعة والدين والنصر والتمكين في الأرض ، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا ، لم يكن له في الآخرة نصيب».
ثم بيّن حال هذه الأمة أثناء تمكنها في الأرض أو علة تمكينها في الأرض فقال :
(يَعْبُدُونَنِي)(١)(لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) أي إن هذه الأمة تعبد الله وحده لا شريك له ، ولا يتغيرون من عبادة الله تعالى إلى الشرك ، ووعدهم الله ذلك في حال عبادتهم وإخلاصهم. روى الإمام أحمد والشيخان عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال له : «حق الله على العباد : أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ، وحق العباد على الله ألا يعذبهم».
(وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ ، فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) أي ومن ارتد أو كفر النعمة ، كقوله تعالى : (فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ) [النحل ١٦ / ١١٢] ، أو خرج عن طاعة ربه وأمره ، فأولئك هم الكاملون في فسقهم حيث كفروا تلك النعمة العظيمة ، وتناسوا فضل الله عليهم ، وهذا ربما يصدر من بعض الأمة بدليل حديث الصحيحين وغيرهما من الأئمة : «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم إلى يوم القيامة».
__________________
(١) يعبدونني كما تقدم : هو في موضع الحال ، أي في حال عبادتهم الله بالإخلاص ، ويجوز أن يكون استئنافا على طريق الثناء عليهم.