وهذا الحكم وهو التحية على الأهل ، وإن كان معلوما من الآية المتقدمة : (حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها) إلا أنه أعيد هنا لطلبه بين الأقارب ، حتى لا يظن أن علاقة القرابة لا تحتاج إلى تبادل السلام والتحية ، فذلك من الآداب العامة والحقوق الإسلامية التي لا يصح إهمالها. قال الضحاك : في السلام عشر حسنات ، ومع الرحمة عشرون ، ومع البركات ثلاثون.
(كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) أي هكذا يفصل الله لكم معالم دينكم ، كما فصل لكم في هذه الآية ما أحل لكم فيها ، وكما بيّن لكم ما في هذه السورة أيضا من أحكام وشرائع بيانا شافيا ، لكي تتدبروها وتتفهموا عن الله أمره ونهيه وآدابه ، فتفوزوا بسعادة الدنيا والآخرة.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآية على ما يأتي :
١ ـ لا إثم ولا حرج على أصحاب الأعذار في التخلف عن الجهاد ، وهم الأعمى والأعرج والمريض ، أي أن الله رفع الحرج عن الأعمى فيما يتعلق بالتكليف الذي يشترط فيه البصر ، وعن الأعرج فيما يشترط فيه المشي للتكليف به ، وما يتعذر من الأفعال مع وجود العرج ، وعن المريض فيما يؤثر المرض في إسقاطه ؛ كالصوم وشروط الصلاة وأركانها ، والجهاد ونحو ذلك.
ولا مانع من مؤاكلة هؤلاء ذوي الأعذار ، وترك عادة تخصيصهم بطعام خاص حذرا من استقذارهم والترفع عن مجالستهم.
٢ ـ أباح الله للناس الأكل من مواضع أحد عشر دون استئذان صريح إذا علم رضا صاحب الطعام ؛ لما علم بالعادة أن هؤلاء القوم تطيب نفوسهم في الأغلب بأكل من يدخل عليهم ، والعادة كالإذن في ذلك ، لذا خصهم الله تعالى بالذكر ،