وموانع نبوته هي :
١ ـ (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً) أي ولو أراد الله أن يبعث نبيا ، لبعث أحد الملائكة من عنده ، لأداء رسالته ، ولم يكن بشرا ، فإن إنزال الملك أدعى للإيمان ، وأدل على الصدق. وهذا ناشئ من تصورهم سموا الرسالة التي تقتضي جعلها في عنصر أسمى من البشر وهم الملائكة ، وأنه لا يمكن تكليف البشر بالرسالة الإلهية.
٢ ـ (ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ) أي ما سمعنا ببعثة البشر في عهد الأسلاف والأجداد في الدهور الماضية. وهذا ناشئ من اعتمادهم في العقيدة على التقليد ، وإصرارهم على الكفر والعناد.
٣ ـ (إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ) أي وما نوح إلا رجل مجنون فيما يزعمه أن الله أرسله إليكم ، واختصه من بينكم بالوحي.
(فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ) أي انتظروا به ريب المنون ، واصبروا عليه مدة حتى تستريحوا منه ، أو ييأس فيرجع إلى دينكم ، أو يفيق من جنونه. وهذا مجرد مكابرة ، فهم عرفوا نوحا برجحان عقله ، واتزان قوله ، واستقامة سيرته.
ولما يئس نوح من إجابة دعوته ، وصبر على قومه ألف سنة إلا خمسين ، فلم يؤمن معه إلا القليل ، أوحى الله إليه أن يدعو ربه لنصره عليهم فقال : (قالَ : رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ) أي قال نوح : ربّ انصرني على هؤلاء القوم ، وأهلكهم بسبب تكذيبهم إياي ، كما جاء في آية أخرى : (فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ) [القمر ٥٤ / ١٠] ، وقوله أيضا : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) [نوح ٧١ / ٢٦].
فأجاب الله دعاءه وأمره بصنع السفينة فقال :