بعضنا ويولد بعض. (وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) بعد الموت. (إِنْ هُوَ) أي ما الرسول. (افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) فيما يدعيه من الرسالة. (بِمُؤْمِنِينَ) بمصدقين بالبعث بعد الموت.
(رَبِّ انْصُرْنِي) عليهم وانتقم لي منهم. (بِما كَذَّبُونِ) بسبب تكذيبهم إياي. (عَمَّا قَلِيلٍ) أي بعد زمان قليل. (لَيُصْبِحُنَ) ليصيرن. (نادِمِينَ) على كفرهم وتكذيبهم. (الصَّيْحَةُ) : الصوت الشديد ، وهي صيحة العذاب والهلاك ، وهي صيحة جبريل ، صاح عليهم صيحة هائلة تصدعت منها قلوبهم فماتوا. (بِالْحَقِ) بالوجه الثابت الذي لا دافع له. (غُثاءً) شبههم في دمارهم بغثاء السيل ، وهو ما يحمله من الورق والعيدان اليابسة ، وأصل الغثاء : نبت يبس ، أي صيرناهم مثله في اليبس. (فَبُعْداً) من الرحمة وهلاكا. (لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) المكذبين.
المناسبة :
هذه هي القصة الثانية في هذه السورة ، وهي قصة هود عليهالسلام ، في قول ابن عباسرضياللهعنهما وأكثر المفسرين ؛ لقوله تعالى في سورة الأعراف حكاية لقول هود : (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ) ومجيء قصة هود عقيب قصة نوح في سورة الأعراف وسورة هود والشعراء.
وقال بعضهم : المراد بهم صالح وثمود ؛ لأن قومه الذين كذبوه هم الذين هلكوا بالصيحة ، والعقاب المذكور هنا هو الصيحة ، فالقصة هي قصة صالح عليهالسلام.
التفسير والبيان :
(ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ ... تَتَّقُونَ) أي ثم أوجدنا من بعد قوم نوح الهلكى قوما آخرين ، هم عاد قوم هود عليهالسلام ، فإنهم كانوا مستخلفين بعدهم ، وقيل : المراد ثمود ، لقوله تعالى : (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِ). فأرسل الله تعالى فيهم رسولا منهم ، فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، فكذبوه وخالفوه وأبوا اتباعه لكونه بشرا مثلهم ، فقال لهم : أفلا تتقون وتخافون عقاب الله بعبادتكم غيره من وثن أو صنم ، فإن العبادة لا تنبغي إلا له ، ولا يستحقها غيره؟!