(قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ ... تَشْرَبُونَ) أي قال أشراف قومه المتصفون بصفات ثلاث هي شر الصفات :
أولها ـ الكفر بالخالق وجحود وحدانية.
ثانيها ـ الكفر بيوم القيامة والتكذيب بالبعث والجزاء والحساب ، والمعاد الجثماني.
ثالثها ـ الانغماس في الحياة الدنيا التي أنعم الله بها عليهم ، حتى بطروا وجحدوا النعمة ، وقالوا : ما هود الذي يدعي أنه رسول إلا بشر عادي مثلكم في الصفات والحال ، لا ميزة له عليكم ، فهو يأكل من طعامكم ، ويشرب من شرابكم الذي تشربون منه ، فكيف يدعي الفضل عليكم ، ويزعم الرسالة من الله إليكم؟
(وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ ، إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ) أي وأقسموا لئن أظهرتم الطاعة لبشر مثلكم ، واتبعتموه ، إنكم حينئذ تخسرون عقولكم ، وتغبنون في آرائكم ، وتضيعون مجدكم بترككم آلهتكم واتباعكم إياه من غير فضيلة له عليكم. وبشرية الرسول هي الشبهة الأولى لإنكار هؤلاء القوم. ثم ذكروا شبهة ثانية وهي الطعن في صحة الحشر والنشر ، والطعن في نبوته القائمة على إثبات ذلك ، فقالوا :
(أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) أي أيعدكم أنكم تخرجون وتبعثون من قبوركم أحياء بعد موتكم وصيرورتكم ترابا وعظاما بالية؟! ثم قرنوا بالإنكار استبعادهم الشديد وقوع ما يدعيه بقولهم :
(هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ) أي بعد بعد ما توعدون به أيها القوم من حدوث البعث الجثماني وعودة الحياة مرة أخرى ، للحساب والجزاء. ثم أكدوا إنكار البعث بقولهم :