(قالَ : عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ) أي قال تعالى مجيبا دعاءه : ليصيرن قومك بعد زمن قليل نادمين على ما فعلوا ، وذلك حين ظهور علامات الهلاك لهم ، فيحصل منهم الحسرة والندامة على ترك قبول دعوتك لهم إلى الإيمان بالله والتوحيد ، وعلى مخالفتك وتكذيبك ومعاندتهم إياك.
ثم كان الجزاء والعذاب ، فقال تعالى :
(فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ ، فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً) أي أهلكوا وماتوا بصيحة جبريل الرهيبة بهم ، وهي صوت شديد مرعب أدى إلى الصعقة والموت ، فأصبحوا بسبب كفرهم وتكذيبهم رسولهم صرعى هلكى ، كغثاء السيل : وهو الشيء الحقير التافه الذي لا ينتفع بشيء منه ، قال ابن كثير : والظاهر أنه اجتمعت عليهم الصيحة ، مع الريح الصرصر العاصفة القوية الباردة.
(فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي بعدا من الرحمة وهلاكا ، وسحقا وتدميرا للقوم الكافرين الذين ظلموا أنفسهم بكفرهم وطغيانهم وعصيان رسولهم ، كقوله تعالى : (وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ) [الزخرف ٤٣ / ٧٦].
وفي هذا غاية المهانة والذلة لهم ، وإظهار قدرة الله عليهم ، وإنذار السامعين أمثالهم من تكذيب رسولهم بأن يصيبهم من العذاب مثل ما أصابهم.
فقه الحياة أو الأحكام :
العبرة واضحة من هذه القصة ، فهي إنذار مخالفي الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وبيان عاقبة الكافرين الظالمين الذين ينكرون وحدانية الله ، ولا يصدقون بيوم القيامة ، ويعاندون رسول اللهصلىاللهعليهوسلم.
وواضح من الآيات أن هودا عليهالسلام أمر قومه بعبادة الله وحده لا شريك له ؛ إذ لا يستحق العبادة سواه ، وحذرهم من الكفر ، وخوفهم من عقاب الله وعذابه.