القصة الرابعة ـ قصة موسى وهارون عليهماالسلام
(ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٤٥) إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً عالِينَ (٤٦) فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ (٤٧) فَكَذَّبُوهُما فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ (٤٨) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٤٩))
البلاغة :
(عالِينَ) ، (الْمُهْلَكِينَ) سجع لطيف.
المفردات اللغوية :
(بِآياتِنا) بالآيات التسع كاليد والعصا ، وهي المذكورة في سورة الأعراف (وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) حجة بينة واضحة ملزمة للخصم ، والمراد بالسلطان المبين : إما الآيات أنفسها ، أي هي آيات وحجة بينة ، وإما العصا لأنها كانت أمّ الآيات وأولاها ، وقد تعلقت بها معجزات شتى من انقلابها حية ، وتلقفها ما أفكته السحرة ، وانفلاق البحر ، وانفجار العيون من الحجر ، بضربها بها ، وكونها حارسا ، وشمعة ، وشجرة خضراء مثمرة ، ودلوا ، ورشاء ، فجعلت كأنها ليست بعض الآيات ، لخصائصها ومزاياها وفضلها ، فلذلك عطف عليها ، كقوله تعالى : (وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ) [البقرة ٢ / ٩٨] عطفا على الملائكة ، مع أنهما منهم.
ومثل وغير : يوصف بهما الاثنان والجمع ، والمذكر والمؤنث ، كقوله تعالى : (إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) [النساء ٤ / ١٤٠] (وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ) [الطلاق ٦٥ / ١٢]. ويقال أيضا : هما مثلاه ، وهم أمثاله ، كما قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ) [الأعراف ٧ / ١٩٤].
(فَاسْتَكْبَرُوا) عن الإيمان بالله وبالآيات ، والمتابعة (عالِينَ) متكبرين قاهرين بني إسرائيل بالظلم (أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ (١) مِثْلِنا) ثنّى البشر ؛ لأنه يطلق للواحد ، كقوله تعالى:
__________________
(١) لفظ البشر يطلق على الواحد والجمع ، كما قال تعالى في إطلاقه على الواحد : فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا [مريم ١٩ / ١٧] أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ [المؤمنون ٢٣ / ٤٧]. ومثال إطلاقه على الجمع ـ