وقد كره بعض السلف المشي بتضعف وتصنع ، حتى روي عن عمر أنه رأى شابا يمشي رويدا ، فقال : مالك أأنت مريض؟ قال : لا ، يا أمير المؤمنين ، فعلاه بالدّرة ، وأمره أن يمشي بقوة.
وإنما المراد بالهون هنا : السكينة والوقار ، كما قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الصحيحين عن أبي هريرة : «إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون ، وأتوها ، وعليكم السكينة ، فما أدركتم منها فصلوا ، وما فاتكم فأتموا».
وروي أيضا أن عمر رضياللهعنه رأى غلاما يتبختر في مشيته ، فقال : إن البخترة مشية تكره إلا في سبيل الله ، وقد مدح الله أقواما فقال : (وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) فاقصد في مشيتك.
ونظير الآية قوله تعالى : (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً ، إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ ، وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً) [الإسراء ١٧ / ٣٧].
٢ ـ الحلم أو الكلام الطيب : (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا : سَلاماً) أي إذا سفه عليهم الجهال بالقول السيء ، لم يقابلوهم بمثله ، بل يعفون ويصفحون ، ولا يقولون إلا خيرا ، كما كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا تزيده شدة الجاهل عليه إلا حلما ، وكما قال تعالى : (وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ) [القصص ٢٨ / ٥٥]. قال النحاس : ليس (سَلاماً) من التسليم ، إنما هو من التسلّم ، تقول العرب : سلاما ، أي تسلّما منك ، أي براءة منك.
وروى الإمام أحمد عن النعمان بن مقرّن المزني قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ وسبّ رجل رجلا عنده ، فجعل المسبوب يقول : عليك السلام ـ : «أما إن ملكا بينكما يذبّ عنك ، كلما شتمك هذا ، قال له : بل أنت ، وأنت أحقّ به ، وإذا قلت له : وعليك السلام قال : لا ، بل عليك ، وأنت أحق به».