ووصفهم سبحانه بتسع صفات كما ذكر الرازي ، وقال القرطبي : وصف تعالى عباد الرحمن بإحدى عشرة صفة حميدة من التحلّي والتخلّي ، وهي : (التواضع ، والحلم ، والتهجد ، والخوف ، وترك الإسراف والإقتار ، والنزاهة عن الشرك ، والبعد عن الزنى والقتل ، والتوبة وتجنب الكذب ، والعفو عن المسيء ، وقبول المواعظ ، والابتهال إلى الله).
ثم بيّن الله تعالى جزاءهم الكريم وهو نيل الغرفة التي هي الدرجة الرفيعة ، وهي أعلى منازل الجنة وأفضلها ، كما أن الغرفة أعلى مساكن الدنيا (١).
التفسير والبيان :
هذه صفات عباد الله المؤمنين عباد الرحمن الذين استحقوا أعلى الدرجات في الجنة ، وهي في الجملة تسع صفات :
١ ـ التواضع : (وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) أي وعباد الله المخلصين الربانيين الذين لهم الجزاء الحسن من ربهم هم الذين يمشون في سكينة ووقار ، من غير تجبر ولا استكبار ، يطؤون الأرض برفق ، ويعاملون الناس بلين ، لا يريدون علوّا في الأرض ولا فسادا ، كما قال تعالى حاكيا وصية لقمان لابنه : (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً ، إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) [لقمان ٣١ / ١٨].
وليس المراد أنهم يمشون كالمرضى تصنعا ورياء ، وإنما بعزة وأنفة هي عزة المؤمن المتواضع لله وحده ، فقد كان النبي صلىاللهعليهوسلم سيد ولد آدم إذا مشى كأنما ينحطّ من صبب (٢) ، وكأنما الأرض تطوى له.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٣ / ٨٣.
(٢) أي كأنما ينحدر من مكان عال مرتفع.