وفاعل الإلقاء في (فَأُلْقِيَ) أو نائب الفاعل هو الله عزوجل بما رزقهم من التوفيق ، أو هو إيمانهم ، أو ما عاينوا من المعجزة الباهرة. ويجوز عدم تقدير فاعل ؛ لأن ألقوا بمعنى خروا وسقطوا.
والتعبير بالإلقاء إشارة إلى الدهشة التي اعترتهم ، حتى لكأنهم أخذوا فطرحوا وسقطوا ساجدين لله. ثم أعلنوا ما وقر في صدورهم :
(قالُوا : آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ ، رَبِّ مُوسى وَهارُونَ) أي قال السحرة : صدقنا واعترفنا برب العالمين الذي دعا إليه موسى وهارون ، مفضلين الإيمان على الكفر ، والحق على الباطل ، غير عائبين بعزة فرعون وجبروته وباطله ، ولا طامعين بأجره وقربته ومنافعه.
وهذا دليل على إسقاط ربوبية فرعون ، وأن سبب الإيمان هو ما رأوه من معجزة الرسولين : موسى وهارون عليهماالسلام.
ولما رأى فرعون ما حدث أسقط في يده ، وتحير في أمره ، فلجأ إلى التهديد والوعيد شأن العتاة الظالمين ، حتى لا تسقط هيبته أمام شعبه ، وتتداعى أركان حكمه وسلطانه ، ويفعل الناس مثل فعل السحرة الكثيرين ، فإنه توقع الغلبة ، ففوجئ بالهزيمة المنكرة ، ولكن لم تفلح تهديداته في السحرة شيئا ، وأصروا على الإيمان بالله تعالى ، لانكشاف الحقيقة لهم ، وقال لإنقاذ موقفه :
أولا ـ (قالَ : آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ) قال فرعون للسحرة : أتؤمنون بموسى قبل استئذاني ، وكيف تخرجون عن طاعتي ، وأنا الحاكم المطاع؟! وفي هذا إيهام أن مسارعتكم إلى الإيمان به دالة على ميلكم إليه ، وأنكم متهمون بالتواطؤ معه ، فربما قصروا في إتقان السحر.
وإنما قال (لَهُ) لا (به) لأنه الذي يدعو إليه موسى وهارون.