(وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ) عطف على (الَّذِي) المتقدم ، وخبره محذوف. وتقديره : والذي هو يطعمني ويسقيني ، فهو يهدين. وكذلك كل ما جاء بعدها من (الَّذِي) إلى قوله : (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي ...) خبره : «فهو يهدين» مقدرا.
البلاغة :
(يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ) بينهما طباق ، وكذلك بين (يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ).
(وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) أسند المرض لنفسه مراعاة للأدب تأدبا مع الله ؛ لأن الشر لا ينسب إليه تعالى أدبا ، وإن كان المرض والشفاء كلاهما من الله ، فلم يقل : أمرضني.
المفردات اللغوية :
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ) على مشركي العرب ومنهم كفار مكة وأمثالهم. (نَبَأَ) خبر مهم. (ما تَعْبُدُونَ)؟ سألهم ليريهم أن ما يعبدونه لا يستحق العبادة. (نَعْبُدُ أَصْناماً) صرحوا بالفعل. (فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ) أي : ندوم مقيمين على عبادتها ، وزادوا هذا الجواب على قولهم: (نَعْبُدُ) تبجحا وافتخارا به ، وإظهارا لما في نفوسهم من الابتهاج. (إِذْ تَدْعُونَ) حين تدعون. (أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ) حين تعبدونهم. (أَوْ يَضُرُّونَ) أي يضرونكم إن لم تعبدوهم. ومجيئه مضارعا مع (إِذْ) على حكاية الحال الماضية استحضارا لها. (كَذلِكَ يَفْعَلُونَ) مثل فعلنا ، لم يجدوا جوابا إلا التمسك بالتقليد. (وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ) التقدم لا يدل على الصحة ، ولا ينقلب به الباطل حقا.
(عَدُوٌّ لِي) لا أعبدهم ، والمراد أنهم أعداء لعابديهم ؛ لأنهم يتضررون من جهتهم ، لكنه صوّر الأمر في نفسه تعريضا لهم ، فإنه أنفع في النصح من التصريح ، وإشعارا بأنها نصيحة بدأ بها نفسه ، ليكون أدعى إلى القبول. وإفراد لفظ العدو لأنه في الأصل مصدر أو بمعنى النسب أي عدوي ، أجراه على النسب. (إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ) لكن ربّ العالمين فإني أعبده ، استثناء منقطع.
(فَهُوَ يَهْدِينِ) إلى الدين ؛ لأنه يهدي كل مخلوق لما خلق له من أمور المعاش والمعاد ، هداية مطردة من مبدأ إيجاده إلى منتهى أجله ، يتمكن بها من جلب المنافع ودفع المضارّ ، كما قال تعالى : (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى) [الأعلى ٨٧ / ٣] وتبدأ الهداية في الإنسان من وقت هداية الجنين إلى امتصاص دم الطمث من الرحم ، وتنتهي إلى طريق الجنة والتنعم بلذائذها. (أَطْمَعُ) أرجو. (يَوْمَ الدِّينِ) الجزاء.
المناسبة :
بعد أن ذكر الله تعالى في أول السورة شدة حزن محمد صلىاللهعليهوسلم بسبب كفر