قومه ، ذكر قصة موسى عليهالسلام ليعرف محمد أن مثل تلك المحنة حصلت لموسى فيكون ذلك تسلية له ، ثم ذكر عقبها قصة إبراهيم عليهالسلام ليعرف محمد أيضا أن حزن إبراهيم كان أشد من حزنه ؛ لأنه يرى أباه وقومه في النار ، وهو لا يتمكن من إنقاذهم ، وكل ذلك إشارة إلى أن معارضة الرسل من أقوامهم أمر قديم ومستمر ، فلا داعي للغم والحزن.
التفسير والبيان :
هذا هو الفصل الأول من قصة إبراهيم إمام الحنفاء عليهالسلام مع قومه ، موضوعه الإنكار على قومه عبادة الأصنام مع الله عزوجل ، وتبيان صفات الربّ الذي يجب أن يعبد ، فقال تعالى :
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ ، إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما تَعْبُدُونَ) أي واتل يا محمد على أمتك خبر إبراهيم عليهالسلام ، ليقتدوا به في الإخلاص والتوكل على الله ، وعبادته وحده لا شريك له ، والتبري من الشرك وأهله ، فإن الله تعالى آتى إبراهيم رشده من صغره إلى كبره ، ولما شبّ أنكر على قومه عبادة الأصنام ، وقال لأبيه وقومه : ما الذي تعبدونه؟ ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون؟ ليلفت نظرهم إلى أن ما يعبدونه لا يستحق العبادة في شرع ولا عقل.
فأجابوه مقرين بعبادة الأصنام ، ومظهرين لما في نفوسهم من الابتهاج والافتخار بها : (قالُوا : نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ) أي قال قوم إبراهيم : نعبد هذه الأصنام ، وندوم مقيمين على عبادتها في الليل والنهار.
فناقشهم في جدوى تلك العبادة متعجبا من فعلهم :
(قالَ : هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ ، أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ)؟ أي قال إبراهيم : هل يسمعون دعاءكم حين تدعونهم ، وهل يجلبون لكم نفعا أو يدفعون