٤ ـ (وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ) أي وهو الذي يحيي ويميت ، لا يقدر على ذلك أحد سواه ، فإنه هو الذي يبدئ ويعيد ، والمراد منه الإماتة في الدنيا ، والإعادة والبعث في الآخرة ، بدليل عطفه ب (ثُمَ).
٥ ـ (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) أي وهو الذي أرجو أن يستر ذنبي يوم القيامة ، فإنه لا يقدر على غفران الذنوب في الدنيا والآخرة إلا هو ، كما قال : (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ)؟ [آل عمران ٣ / ١٣٥]. وإنما قال (أَطْمَعُ) مع أنه صلىاللهعليهوسلم كان قاطعا بذلك ؛ لأنه لا يجب على الله لأحد شيء ، فاستعمال الرجاء والظن للدلالة على أن الثواب ورفع العذاب فضل من الله ونعمة.
وأسند إلى نفسه الخطيئة ، مع أن الأنبياء منزهون عن الخطايا قطعا ، مريدا بذلك تسمية ما صدر عنه من عمل هو خلاف الأولى خطيئة ، استعظاما له. وعلّق مغفرة الخطيئة بيوم الدين ، وإنما تغفر في الدنيا ؛ لأن أثرها يظهر يوم الدين.
وقال : (لِي) في قوله : (أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي) لبيان أن غفرانه لي ولأجلي ، لا لأجل أمر عائد إليه البتة. والخلاصة : أن هذا من إبراهيم عليهالسلام إظهار للعبودية ، وإن كان يعلم أنه مغفور له.
جاء في صحيح مسلم عن عائشة : «قلت : يا رسول الله ، ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ، ويطعم المسكين ، فهل ذلك نافعه؟ قال : لا ينفعه ، إنه لم يقل يوما : ربّ اغفر لي خطيئتي يوم الدين».
ويوم الدين : هو يوم الجزاء حيث يجازي العباد بأعمالهم.