وإنهاء عبادة الأصنام ، حين قال لهم نوح أخوهم : ألا تخافون الله في عبادتكم غيره؟ ألا تحذرون عقابه على كفركم به؟
وجعل تكذيب نوح تكذيبا للرسل جميعا ؛ لأن من كذب رسولا ، فقد كذب جميع الرسل. وإنما قال : (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ) لأن القوم مؤنث ، وتصغيرها قويمة. وقال : (أَخُوهُمْ) لأنه كان منهم ، كما تقول العرب : يا أخا بني تميم ، أي يا واحدا منهم.
وبعد أن خوفهم نوح من سوء فعلهم ، وصف نفسه بأمرين :
الأول ـ (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) أي إني رسول من الله إليكم ، أمين فيما بعثني الله به ، أبلغكم رسالات ربي ، دون زيادة ولا نقص.
(فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) أي خافوا عذاب الله ، وأطيعوني فيما آمركم به من توحيد الله وعبادته وطاعته. وإنما قدم الأمر بتقوى الله تعالى على الأمر بطاعته ؛ لأن تقوى الله علة لطاعته ، وهي أساس الطاعة ومبعثها ، فلو لا الخوف من الله تعالى ما أطاعه الناس.
الثاني ـ (وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ، إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ) أي لا أطلب منكم جزاء على نصحي لكم ، بل أدخر ثواب ذلك عند الله تعالى.
(فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) أي فقد وضح لكم صدقي ونصحي وأمانتي فيما بعثني الله به ، وائتمنني عليه. وكرر ذلك للتأكيد عليهم ، وتقريره في نفوسهم ؛ لأن التقوى والطاعة أساس الدين ، لكن جعل علة الأول كونه أمينا فيما بينهم ، وعلة الثاني حسم طمعه عنهم.
ولما لم يجدوا سبيلا للتخلص من حجته وعدم إمكان الطعن بها ، أوردوا شبهة واهية فقالوا : (قالُوا : أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ؟) أي إنهم قالوا : لا نؤمن