عذاب الله وهو أن أرضهم زلزلت زلزالا شديدا ، وجاءتهم صيحة عظيمة اقتلعت القلوب من محالها ، وأتاهم من الأمر ما لم يكونوا يحتسبون ، وأصبحوا في ديارهم جاثمين.
والذي حدث أن الناقة مكثت لديهم حينا من الزمان ، ترد الماء ، وتأكل الورق والمرعى ، وينتفعون بلبنها ، يحلبون منها ما يكفيهم شربا وريا ، فلما طال عليهم الأمد ، وحضر أشقاهم ، تمالؤوا على قتلها وعقرها. روي أن مسطعا ألجأها إلى مضيق في شعب ، فرماها بسهم ، فأصاب رجلها ، فسقطت ، ثم ضربها قدار.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً ، وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) أي إن في ذلك المذكور من قصة صالح عليهالسلام ، وتكذيب قومه ثمود لرسالته ، واعتدائهم على معجزة الناقة لآية وعبرة وعظة ، وأي آية أعظم من هذا؟ إنهم كذبوا رسولهم فلم يؤمنوا به ، واغتروا بما لهم ومتعتهم الدنيوية ، واعتدوا على الناقة ، فنزل بهم العذاب ، ولم يكن أكثرهم مؤمنين بالله ورسله ، وإن ربك لهو المنتقم من أعدائه ، الرحيم بأوليائه المؤمنين إن تابوا وأنابوا إليه. وهذه الخاتمة بذاتها هي خاتمة قصة نوح وهود ؛ لأن القصد منها واحد ، وهو العظة والاعتبار بحال المكذبين.
يقال : إنه ما آمن به من تلك الأمم إلا ألفان وثمان مائة رجل وامرأة.
فقه الحياة أو الأحكام :
كانت قبيلة ثمود تسكن في الحجر (١) وهي ذوات نخل وزروع ومياه ، ومبان جبلية شاهقة فخمة ، وكانوا معمّرين لا يبقى البنيان مع أعمارهم ، إلا أنهم اغتروا بمالهم وجاههم ، فكذبوا رسولهم صالحا عليهالسلام ، فقرعهم ووبخهم ، وقال : أتظنون أنكم باقون في الدنيا بلا موت؟.
__________________
(١) الحجر : واد بين المدينة والشام.