٢ ـ عدم إنقاص الحقوق : (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ) أي ولا تنقصوهم أموالهم أو حقوقهم في أي شيء مكيل أو موزون ، مذروع أو معدود ، فشمل كل المقادير ، وأوجب العدل في المقاييس عامة ، كيلا أو وزنا أو مساحة أو قدرا ، كذلك شمل حقوقهم الأدبية والمعنوية كالحفاظ على الكرامة والعرض ، قال الرازي : وهذا عام في كل حق يثبت لأحد ألا يهضم ، وفي كل ملك ألا يغصب مالكه ، ولا يتصرف فيه إلا بإذنه تصرفا شرعيا. ثم نهاهم عن الإفساد في الأرض بجميع أنواعه فقال :
٣ ـ عدم الإفساد : (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) أي ولا تفسدوا أشد الإفساد في الأرض كقطع الطريق والغارة والنهب والسلب والقتل وإهلاك الزرع وغير ذلك من أنواع الفساد التي كانوا يفعلونها.
٤ ـ تقوى الله : (وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ) أي وخافوا بأس الله الذي تفضل عليكم بخلقكم وخلق من تقدمهم من ذوي الخلقة المتقدمين ، من آبائهم الذين انحدروا منهم وكانوا في الظاهر سبب وجودهم وخلقهم ، ومنهم أصحاب البأس والقوة والمال كقوم هود وقوم صالح. وهذا كما قال موسى عليهالسلام سابقا : (رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ) [الشعراء ٢٦ / ٢٦].
فأجابوه بالطعن في رسالته من ناحيتين ، ثم بالاستخفاف بالوعيد والتهديد. أما الطعن فهو :
١ ـ (إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ وَما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) أي ما أنت إلا رجل مسحور مغلوب على عقله ، فلا يسمع لقولك ، ولا يؤبه لنصحك. وهذا مثلما أجابت به ثمود رسولها ، تشابهت قلوبهم ، واتفقت منازع الكفر فيهم.
ثم قالوا له : إنك مثلنا بشر ، فما الذي فضّلك علينا ، وجعلك نبيا ورسولا دوننا؟!. وأتوا بالواو في قولهم (وَما) للتعبير عن قصدهم معنيين كلاهما مناف